للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للمسلمين فيه، ولا يتوقف ذلك على أن يكون ابتداءُ الطلب منهم.

١٧ - (ومنها): أن في قيام المغيرة بن شعبة على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسيف، ولم يكن عادته أن يقام على رأسه، وهو قاعد سُنَّة يُقتَدى بها عند قدوم رُسُل العدوّ من إظهار العزّ، والفخر، وتعظيم الإمام، وطاعته، ووقايته بالنفوس، وهذه هي العادة الجارية عند قدوم رسل المؤمنين على الكافرين، وقدوم رسل الكافرين على المؤمنين، وليس هذا من هذا النوع الذي ذمّه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "من أحب أن يتمثل له الرجال قيامًا، فليتبوأ مقعده من النار" (١)، كما أن الفخر والخيلاء في الحرب ليسا من هذا النوع المذموم في غيره.

١٨ - (ومنها): أن في بعث البُدُن في وجه الرسول الآخر دليلٌ على استحباب إظهار شعائر الإسلام لرسل الكفّار.

١٩ - (ومنها): أن في قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - للمغيرة: "أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء" دليلًا على أن مال المشرك المعاهد معصوم، وأنه لا يُملك، بل يُرَدّ عليه، فإن المغيرة كان قد صَحِبهم على الأمان، ثم غَدَر بهم، وأخَذَ أموالهم، فلم يتعرض النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لأموالهم، ولا ذَبّ عنها، ولا ضَمِنها لهم؛ لأن ذلك كان قبل إسلام المغيرة.

٢٠ - (ومنها): أن في قول الصدّيق - رضي الله عنه - لعروة: "امْصُص ببظْر اللات" دليلًا على جواز التصريح باسم العورة، إذا كان فيه مصلحة تقتضيها تلك الحال، كما أَذِن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يصرِّح لمن ادَّعَى دعوى الجاهلية بِهَنِ أبيه، ويقال له: اعْضَض أَيْرَ (٢) أبيك، ولا يُكنَى له، فلكل مقام مقال.

٢١١ - (ومنها): احتمال قلة أدب رسول الكفار، وجهله، وجفوته، ولا يقابل على ذلك؛ لِمَا فيه من المصلحة العامة، ولم يقابل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عروة على أخْذه بلحيته وقت خطابه، وإن كانت تلك عادة العرب، لكن الوقار والتعظيم خلاف ذلك، وكذلك لم يقابل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسولَيْ مسيلمة الكذّاب، حين


(١) أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذيّ بإسناد صحيح.
(٢) "الأير": الذَّكر.