للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الكفر عنه إذا كان همه بالمعصية بمجرد نيل شهوته، وغرض نفسه، مع ذهوله عن قصد مخالفة الله، والاستخفاف بهيبته وبنظره.

ومتى اقترن العملُ بالهمّ، فإنه يعاقب عليه، سواء كان الفعل متأخرًا أو متقدمًا، فمن فعل محرمًا مرة، ثم عزم على فعله متى قدر عليه، فهو مُصِرٌّ على المعصية، ومعاقب على هذه النية، وإدن لم يَعُدْ إلى عمله إلا بعد سنين عديدة، وبذلك فسَّر ابن المبارك وغيره الإصرار على المعصية.

وبكل حال، فالمعصية إنما تُكْتب بمثلها من غير مضاعفة، فتكون العقوبة على المعصية، ولا ينضمّ إليها الهمّ بها؛ إذ لو ضُمّ إلى المعصية الهم بها لعوقب على عمل المعصية عقوبتين.

ولا يقال: فهذا يلزم مثله في عمل الحسنة، فمانها إذا عملها بعد الهمّ بها أثيب على الحسنة دون الهم بها؛ لأنا نقول: هذا ممنوع، فإن مَن عَمِلَ حسنة كتبت له عشر أمثالها، فيجوز أن يكون بعض هذه الأمثال جزاء للهمّ بالحسنة، والله أعلم. انتهى كلام ابن رجب (١)، وهو تحقيق حسن، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٤٦] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْجَعْد، أَبِي عُثْمَانَ، فِي هَذَا الإسْنَاد، بمَعْنَى حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِث، وَزَادَ: "أَوْ مَحَاهَا اللهُ (٢)، وَلَا يَهْلِكُ عَلَى اللهِ إِلَّا هَالِكٌ").

رجال هذا الإسناد: ثلاثة:

١ - (يَحْيَى بْنُ يَحْيَى) بن بُكير بن عبد الرحمن التميميّ، أبو زكريّا النيسابوريّ، ثقةٌ ثبتٌ إمامٌ [١٠] (ت ٢٢٦) على الصحيح (خ م ت س) تقدم في "المقدمة" ٣/ ٩.


(١) "جامع العلوم والحكم" ٢/ ٣١١ - ٣٢٩.
(٢) هكذا في نسخة "شرح الأبيّ"، بـ "أو"، وهو الأولى، ووقع في معظم النسخ: "ومحاها الله" بالواو.