للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ: ولا أدري من أين تهيأ له الجزم بذلك؟ مع أن في رواية الثوريّ عند مسلم ما يدلّ على أن فاعل: "فلم نحفظه" أبو إسحاق، ولفظه: "قال أبو إسحاق: ونسيت السابع"، وعلى هذا ففاعل "عَدَّ" عمرو بن ميمون، على أن أبا إسحاق قد تذكّره مرة أخرى، فسمّاه عُمارة بن الوليد، كذا أخرجه البخاريّ في "الصلاة" من رواية إسرائيل، عن أبي إسحاق، وسماع إسرائيل من أبي إسحاق في غاية الإتقان؛ للزومه إياه؛ لأنه جدّه، وكان خِصِّيصًا به، قال عبد الرحمن بن مهديّ: ما فاتني الذي فاتني من حديث الثوريّ، عن أبي إسحاق، إلا اتكالًا على إسرائيل؛ لأنه كان يأتي به أتمّ، وعن إسرائيل قال: كنت أحفظ حديث أبي إسحاق، كما أحفظ سورة الحمد.

واستَشْكَل بعضهم عَدَّ عُمارة بن الوليد في المذكورين؛ لأنه لم يُقتل ببدر، بل ذكر أصحاب المغازي أنه مات بأرض الحبشة، وله قِصّة مع النجاشيّ؛ إذ تَعَرَّض لامرأته، فأمر النجاشيّ ساحرًا، فنفخ في إحليل عمارة من سحره؛ عقوبةً له، فتوحّش، وصار مع البهائم، إلى أن مات في خلافة عمر، وقصته مشهورة.

والجواب أن كلام ابن مسعود - رضي الله عنه - في أنه رآهم صرعى في القليب، محمول على الأكثر، ويدلّ عليه أن عقبة بن أبي معيط لم يُطْرَح في القليب، وإنما قُتل صبرًا بعد أن رَحَلوا عن بدر مرحلةً، وأمية بن خلف لم يُطْرح في القليب كما هو، بل مُقطّعًا. انتهى (١).

وقال في "العمدة": وكان عقبة بن أبي معيط من المستهزئين أيضًا، وذكر محمد بن حبيب أنه من زنادقة قريش، واسم أبي مُعيط: أبان بن أبي عمرو، والذي دعا عليهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سبعة أنفس كما ذُكروا، وهم: أبو جهل، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي مُعيط، وعمارة بن الوليد بن المغيرة.

أما أبو جهل فقتله معاذ بن عمرو بن الْجَمُوح، ومعاذ ابن عفراء، ذكره في "الصحيح"، ومَرّ عليه ابن مسعود، وهو صريع، واحتزّ رأسه، وأتى به


(١) "الفتح" ١/ ٥٩٨، كتاب "الوضوء" رقم (٢٤٠).