للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَهَدَّلَ، وسقط إلى الأرض، ومنه قيل للقتيل: صَريع، والجمع صَرْعَى. انتهى.

(يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ)، وفي رواية إسرائيل عند البخاريّ: "لقد رأيتهم صرعى يوم بدر، ثم سحبوا إلى القليب قليب بدر"، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وأُتبع أصحاب القليب لعنةً".

قال في "الفتح": وهذا يَحْتَمِل أن يكون من تمام الدعاء الماضي، فيكون فيه عَلَمٌ عظيم من أعلام النبوة، ويَحْتَمِل أن يكون قاله النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عدم بعد أن أُلقوا في القليب، وزاد شعبة في روايته: "إلا أمية، فإنه تقطّعت أوصاله"، زاد: "لأنه كان بادنًا". انتهى (١).

وقوله: (قَلِيبِ بَدْرٍ) بجرّ "قليب" على البدليّة، و"القليب" بفتح القاف، وآخره موحّدة: هي البئر التي لم تُطْوَ، وقيل: هي البئر العاديّة القديمة التي لا يُعرف صاحبها.

قال العلماء: وإنما وُضِعوا في القليب؛ تحقيرًا لهم، ولئلا يتأذى الناس برائحتهم، وليس هو دفنًا؛ لأن الحربيّ لا يجب دفنه، قال النوويّ: قال أصحابنا: بل يُترَك في الصحراء، إلا أن يُتأذى به (٢).

وقال الحافظ: والظاهر أن البئر لم يكن فيها ماءٌ مَعِينٌ (٣).

وقال القاضي عياض: اعتَرَض بعضهم على هذا الحديث في قوله: "رأيتهم صرعى ببدر"، ومعلوم أن أهل السِّير قالوا: إن عُمارة بن الوليد، وهو أحد السبعة كان عند النجاشيّ، فاتهمه في حُرْمته، وكان جميلًا وَسِيمًا، فنفخ في إحليله سِحْرًا، فهام مع الوحوش في بعض جزائر الحبشة، فهلك.

قال القاضي: وجوابه: أن المراد أنه رأى أكثرهم، بدليل أن عقبة بن أبي مُعيط منهم، ولم يُقتل ببدر، بل حُمل منها أسيرًا، وإنما قتله النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صبرًا بعد انصرافه من بدر، بعِرْق الظُّبية (٤).

قال النوويّ: "الظُّبية" بظاء معجمة مضمومة، ثم جاء موحدة ساكنة، ثم


(١) "الفتح" ١/ ٥٩٩، كتاب "الوضوء" رقم (٢٤٠).
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٥٣.
(٣) "الفتح" ١/ ٥٩٩.
(٤) "إكمال المعلم" ٦/ ١٦٧ - ١٦٨.