للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التأنيث. انتهى (١).

(فِي بَعْضِ تِلْكَ الْمَشَاهِدِ) جمع مَشْهَد، بالفتح؛ كمَحْضَرٍ وزنًا ومعنى، والمراد: مكان الغزوات؛ أي: في بعض أماكن الغزوات التي شهدها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وفي الرواية التالية: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غار، فنُكِبت إصبعه"، وسيأتي الكلام عليه، وفي رواية للبخاريّ: "بينما النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يمشي، إذ أصابه حجرٌ، فَعَثَرَ، فَدَمِيت إصبَعهُ"، وفي رواية: "خرج إلى الصلاة"، وفي رواية الطيالسيّ، وأحمد: "كنت مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في غار"، (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("هَلْ أَنْتِ) بكسر التاء خطابًا للإصبع، و"هل" هنا للنفي، كما في قوله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (٦٠)} [الرحمن: ٦٠]، قال ابن هشام الأنصاريّ - رحمه الله -: يراد بالاستفهام بـ "هل" النفي، ولذلك دخلت على الخبر بعدها "إلا"، كما في الآية المذكورة (٢). (إِلا إِصْبَعٌ دَمِيتِ)؛ أي: خرج منك الدم، (وَفي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ") قال النوويّ - رحمه الله -: لفظ "ما" هنا بمعنى "الذي"؛ أي: الذي لقيته محسوب في سبيل الله، وقد سبق في "باب غزوة حُنين" أن الرجز هل هو شعر؟ وأن من قال: هو شعر قال: شَرْط الشعر أن يكون مقصودًا، وهذا ليس مقصودًا، وأن الرواية المعروفة: "دَمِيتْ"، و"لَقِيتْ" بكسر التاء، وأن بعضهم أسكنها. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا البيث أنشده النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو لغيره، قيل: إنه للوليد بن المغيرة، وقيل: لعبد الله بن رواحة، ولو كان من قوله، فقد تقدَّم العذر عنه في غزوة حنين. انتهى (٤).

وقال في "الفتح": قوله: فقال:

"هَلْ أَنْتِ إِلا إِصبَعٌ دَمِيتِ … وَفي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ"

هذان قسمان من رجز، والتاء في آخرهما مكسورة، على وفق الشعر، وجزم الكرمانيّ بأنهما في الحديث بالسكون، وفيه نظرٌ، وزعم غيره أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - تعمّد إسكانهما، ليُخْرِج القِسْمَين عن الشعر، وهو مردود، فإنه يصير


(١) راجع: "المصباح المنير" ١/ ٣٣٢.
(٢) "مغني اللبيب" ١/ ٦٥٩.
(٣) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٥٥ - ١٥٦.
(٤) "المفهم" ٣/ ٦٥٥.