[ومنها]: أن الله قدَّر أن يَنسَخ من أحكامه ما شاء، فكان إنزاله مفرَّقًا لينفصل الناسخ من المنسوخ أَولى من إنزالهما معًا.
وقد ضَبَط النَّقَلة ترتيب نزول السور، ولم يَضبطوا من ترتيب نزول الآيات إلا قليلًا، وقد تقدّم في "تفسير اقرأ باسم ربك" أنها أول سورة نزلت، ومع ذلك فنزل من أولها أولًا خمس آيات، ثم نزل باقيها بعد ذلك، وكذلك سورة المدّثر التي نزلت بعدها، نزل أولها أولًا، ثم نزل سائرها بعدُ، وأوضحُ من ذلك ما أخرجه أصحاب السنن الثلاثة، وصححه الحاكم وغيره، من حديث ابن عباس عن عثمان - رضي الله عنهم - قال: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - تنزل عليه الآيات، فيقول:"ضعوها في السورة التي يُذكَر فيها كذا". انتهى (١).
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:
١ - (مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ) النيسابوريّ، تقدّم في الباب الماضي.
٢ - (يَحْيَى بْنُ آدَمَ) بن سليمان الأمويّ مولاهم، أبو زكرياء الكوفيّ، ثقةٌ حافظٌ، فاضلٌ، من كبار [٩](ت ٢٠٣)(ع) تقدم في "المقدمة" ٤/ ٢٤.
والباقون ذُكروا في الباب، و"زُهير" هو: ابن معاوية بن حُديج.
شرح الحديث:
(عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ) أنه (قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبَ بْنَ سُفْيَانَ) هو جندب بن عبد الله بن سفيان، نُسب لجدّه، كما أسلفته في الحديث الماضي، وقبله.
(١) "الفتح" ١١/ ١٦٢، كتاب "فضائل القرآن" رقم (٤٩٨٣).