للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(يَقولُ: اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)؛ أي: مَرِضَ، قال المجد - رحمه الله -: الشَّكْوُ، والشَّكْوَى، والشَّكْوَاءُ، والشَّكَاةُ، والشَّكَاءُ: الْمَرَضُ (١).

ووقع في رواية قيس بن الربيع بلفظ: "مَرِضَ"، قال الحافظ - رحمه الله -: ولم أقف في شيء من طرق هذا الحديث على تفسير هذه الشكاية، لكن وقع في الترمذيّ من طريق ابن عيينة، عن الأسود، في أول هذا الحديث، عن جندب، قال: "كنت مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في غار، فَدَمِيَت إصبعه، فقال:

هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ … وَفي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ

قال: وأبطأ عليه جبريل، فقال المشركون: قد وُدِّع محمد، فأنزل الله: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ}. انتهى، فظَنَّ بعض الشراح أن هذا بيان للشكاية المجملة في "الصحيح"، وليس كما ظَنّ، فإن في طريق عبد الله بن شداد أن نزول هذه السورة كان في أوائل البعثة، وجندب لم يصحب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلا متأخرًا، كما حكاه البغويّ في "معجم الصحابة"، عن الإمام أحمد، فعلى هذا هما قضيتان، حكاهما جندب: إحداهما: مرسلة، والأخرى موصولة؛ لأن الأُولى لم يحضرها، فروايته لها مرسلة، من مراسيل الصحابة، والثانية: شهدها، كما ذكر أنه كان مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا يلزم من عطف إحداهما على الأخرى في رواية سفيان اتحادهما، والله أعلم. انتهى (٢).

(فَلَمْ يَقُمْ)؛ أي: لصلاة التهجّد، فلم يقرأ القرآن في الليل، (لَيْلَتَيْن، أَوْ ثَلَاثًا، فَجَاءَتْهُ امْرَأةٌ) هي أم جميل بنت حرب العوراء امرأة أبي لهب، وأخت أبي سفيان، (فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ) تريد - قبّحها الله تعالى - بذلك جبريل - عليه السلام -. (قَدْ تَرَكَكَ)؛ أي: لا يأتيك بالوحي، وفي رواية للبخاريّ في "فضائل القرآن": "فأتته امرأة، فقالت: يا محمد، ما أرى شيطانك إلا قد تركك"، وله في "التفسير": "قال: قالت امرأة: يا رسول الله، ما أرى صاحبك إلا أبطأ عنك وزاد النسائيّ في أوله: "أبطأ جبريل على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالت امرأة … " الحديث.


(١) "القاموس المحيط" ص ٧٠٢.
(٢) "الفتح" ٣/ ٥١٢ - ٥١٣، كتاب "التهجّد" رقم (١١٢٥).