للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَدَّبنا بآداب الشريعة التي فيها تَعَبٌ، لكنه تَعَبٌ في مرضاة الله تعالى، فهو محبوب لنا، والذي فَهِم المخاطَب منه هو العناء الذي ليس بمحبوب. انتهى (١).

(فَلَمَّا سَمِعَهُ)؛ أي: سمع كعب هذا الكلام من ابن مسلمة (قَالَ: وَأَيْضًا)؛ أي: وزيادةً على ذلك، وقد فَسَّره بعد ذلك قوله: (وَاللهِ لَتَمَلُّنَّهُ) - بفتح المثناة، والميم، وتشديد اللام، والنون - من الْمَلال؛ أي: تتضجّرون منه أكثر من هذا الضجر (٢).

وقال في "العمدة": قوله: "وأيضًا والله لتملّنه"؛ أي: والله بعد ذلك تزيد ملالتكم عنه، وتتضجّرون عنه أكثر، وأزيد من ذلك.

[فإن قلت]: هذا غَدْرٌ، فكيف جاز؟.

[قلت]: حاشا؛ لأنه نَقَضَ العهد بإيذائه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال المازريّ: نَقَض عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهجاه، وأعان المشركين على حربه.

[فإن قلت]: آمنه محمد بن مسلمة؟.

[قلت]: لم يصرح له بأمان في كلامه، وإنما كلّمه في أمر البيع والشراء، والشكاية إليه، والاستيناس به، حتى تمكّن من قتله.

وقيل: في قتل محمد بن مسلمة كعب بن الأشرف دلالةٌ أن الدعوة ساقطة ممن قَرُب من دار الإسلام.

وكانت قضية محمد بن مسلمة في رمضان، وقيل: في ربيع الأول، والأول أشهر، في السنة الثالثة من الهجرة. انتهى (٣).

وعند الواقديّ: "أن كعبًا قال لأبي نائلة: أخبرني ما في نفسك، ما الذي تريدون في أمره؟ قال: خِذلانه، والتخلِّي عنه، قال: سَرَرْتني". (قَالَ) ابن مسلمة (إِنَّا) معشر الأنصار (قَدِ اتَّبَعْنَاهُ)؛ أي: النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، (الآنَ)؛ أي: في الوقت الحاضر، والمراد أن اتّباعهم له ما طال عهده، (وَنَكْرَهُ) بفتح الراء، من باب تَعِبَ، (أَنْ نَدَعَهُ) - بفتح النون والدال -؛ أي: نتركه، (حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ


(١) "عمدة القاري" ٢٢/ ٩٥، و"شرح النوويّ" ١٢/ ١٦١.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٦١ - ١٦٢.
(٣) "عمدة القاري" ٢٢/ ٩٥.