للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الآخر، أو استعان عامر ببعض ما سبقه إليه ابن رواحة. انتهى (١).

(لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا)؛ أي: لولا نعمتك علينا بالهداية لَمَا حصل لنا الاهتداء، (وَلَا تَصَدَّقْنَا، وَلَا صَلَّيْنَا، فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ) قال القاضي رحمه الله: "فداء" بالمدّ، والقصر، والفاء مكسورة، حكاه الأصمعيّ وغيره، فأما في المصدر فالمدّ لا غير، قال: وحَكَى الفراء: "فَدًى لك" مفتوحًا، مقصورًا، قال: ورَوَيناه هنا: "فِداءٌ لك" بالرفع، على أنه مبتدأ وخبره؛ أي: لك نفسي فداءٌ، أو نفسي فداءٌ لك، وبالنصب على المصدر. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "فِداء" - بكسر الفاء، وبالمدّ - وحَكَى ابن التين فتح أوله، مع القصر، وزعم أنه هنا بالكسر، مع القصر؛ لضرورة الوزن، ولم يُصِبْ في ذلك، فإنه لا يَتَّزِن إلا بالمدّ.

[تنبيه]: قد استُشكِل هذا الكلام؛ لأنه لا يقال في حق الله تعالى؛ إذ معنى فداء لك: نَفْدِيك بأنفسنا، وحُذِف متعلق الفداء؛ للشهرة، وإنما يُتَصَوَّر الفداء لمن يجوز عليه الفناء.

وأجيب عن ذلك بأنها كلمة لا يراد بها ظاهرها، بل المراد بها المحبة، والتعظيم، مع قطع النظر عن ظاهر اللفظ.

وقيل: المخاطب بهذا الشِّعر النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، والمعنى: لا تؤاخذنا بتقصيرنا في حقّك، ونصرك، وعلى هذا، فقوله: "اللهم" لم يقصد بها الدعاء، وإنما افتَتَحَ بها الكلام، والمخاطب بقول الشاعر: لولا أنت .... إلخ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

وَيعْكُر عليه قوله بعد ذلك:

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا … وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا

فإنه دعا الله تعالى، ويَحْتَمِلُ أن يكون المعنى: فَاسْأل ربك أن يُنزل، ويُثَبِّت، والله أعلم. انتهى.

وقال النوويّ: قال المازريّ: هذه اللفظة مشكلة، فإنه لا يقال: فِدى الباري سبحانه وتعالى، ولا يقال له سبحانه وتعالى: فديتك؛ لأن ذلك إنما يُستعمل في مكروه،


(١) "الفتح" ٩/ ٢٩٦، كتاب "المغازي" رقم (٤١٩٦).
(٢) "إكمال المعلم" ٦/ ١٨٢.