للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تنبيه]: قال ابن بطال رحمه الله: "لولا" عند العرب يمتنع بها الشيء لوجود غيره، تقول: لولا زيد ما صِرْتُ إليك؛ أي: كان مصيري إليك من أجل زيد، وكذلك لولا الله ما اهتدينا؛ أي: كانت هدايتنا من قبل الله تعالى (١).

وقال الراغب رحمه الله: لوقوع غيره، ويلزم خبره الحذف، ويُستغنى بجوابه عن الخبر، قال: وتجيء بمعنى "هَلَّا"، نحو: {لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا} [طه: ١٣٤]، ومثله: "لوما" بالميم بدل اللام.

وقال ابن هشام رحمه الله: "لولا" تجيء على ثلاثة أوجه:

[أحدهما]: أن تدخل على جملة؛ لتربط امتناع الثانية بوجود الأولى، نحو: لولا زيدٌ لأكرمتك؛ أي: لولا وجوده، وأما حديث: "لولا أن أشقّ"، فالتقدير: لولا مخافة أن أشقّ لأمرت أمْر إيجاب، وإلا لانعكس معناها؛ إذ الممتنع المشقّة، والموجود الأمر.

[والوجه الثاني]: أنها تجيء للحضّ، وهو طلب بحثّ، وإزعاج، وللعرض، وهو طلب بلِين، وأدب، فتختص بالمضارع، نحو: {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ} [النمل: ٤٦].

[والوجه الثالث]: أنها تجيء للتوبيخ، والتندّم، فتختص بالماضي، نحو: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ١٣] أي: هلّا. انتهى.

وذكر أبو عبيد الهرويّ رحمه الله في "الغريبين" أنها تجيء بمعنى: "لِمَ لا"، وجعل منه قوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ} [يونس: ٩٨]، والجمهور أنها من القسم الثالث (٢)، والله تعالى أعلم.

(وَلَا تَصَدَّقْنَا، وَلَا صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا) السكينة السكون، والثبات، والطمأنينة.

وقوله: (إِنَّ الأُلَى قَدْ أَبَوْا عَلَيْنَا)، وفي رواية عبد الرحمن بن مهديّ التالية: "إن الأُلَى قد بَغَوْا علينا"، وعلى الروايتين، فليس بموزون، والموزون


(١) "شرح البخاريّ" لابن بطال ١٠/ ٢٩١.
(٢) "الفتح" ١٧/ ٨٥ - ٨٦، كتاب "التمنّي" رقم (٧٢٣٦).