للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن يقول: "إن الَّذِين قد أبوا علينا"، أو "بغوا علينا"، و"الألى" بضمّ الهمزة، بمعنى: الذين.

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "إن الأولى قد بَغَوا علينا" كذا صحَّت الرواية "الأولى" بالقصر، فيَحْتَمِل أن يريد به مؤنث الأول، ويكون معناه: إن الجماعة السابقة بالشرّ بغوا علينا. ويَحْتَمِل أن تكون "الألى" هي الموصولة بمعنى: الذين، كما قال أبو ذؤيب [من الطويل]:

وَيَأْشِبُنِي (١) فِيهَا الأُلَى لَا يَلُونَهَا … وَلَوْ عَلِمُوا لَمْ يَأْشِبُونِي بِبَاطِلِ

وقال ابن دريد:

إَنَّ الأُلَى فَارَقْتُ عَنْ غَيْرِ قِلًى … مَا زَاغَ قَلْبِي عَنْهُمُ وَلَا هَفًا (٢)

ويكون خبر "إن" محذوفًا، تقديره: إن الذين بَغَوا علينا ظالمون، وقيل: إن هذا تصحيف من بعض الرواة، وإن صوابه: "أولاء" ممدود، التي لإشارة الجماعة، وهذا صحيح من جهة المعنى، والوزن، والله تعالى أعلم. انتهى (٣).

(قَالَ) الراوي، وَيحْتَمل أن يكون البراء، أو من دونه (وَرُبَّما قَالَ: إِنَّ الْمَلَا قَدْ أَبَوْا عَلَيْنَا) قال النوويّ رحمه الله: "الملأ": هم أشراف القوم، وقيل: هم الرجال، ليس فيهم نساء، وهو مهموز، مقصور، كما جاء به القرآن ومعنى: "أبوا علينا": امتنعوا من إجابتنا إلى الإسلام (٤). (إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً؛ ليْنَا، وَيَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ) وفي رواية البخاريّ: "ويرفع بها صوته: أَبَيْنا، أبينا"، وفي هذا الحديث استحباب الرجز، ونحوه من الكلام، في حال البناء، ونحوه، وفيه عمل الفضلاء في بناء المساجد، ونحوها، ومساعدتهم في أعمال البرّ. انتهى (٥)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث البراء - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.


(١) "يأشْبني" من بابي نصر، وضرب؛ أي: يلومونني، ويعيبونني.
(٢) يقال: هفا الفؤاد: إذا ذهب في أثر الشيء، وطَرِب.
(٣) "المفهم" ٣/ ٦٤٤ - ٦٤٥.
(٤) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٧١ - ١٧٢.
(٥) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٧١ - ١٧٢.