للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فتوادعوا، ورجع أهل الشام، وبايع الناس عبد الله بن الزبير بالخلافة، وأرسل إلى أهل الأمصار يُبايعهم إلا بعض أهل الشام، فسار مروان، فغلب على بقيّة الشام، ثم على مصر، ثم مات، فقام عبد الملك بن مروان، فغلب على العراق، وقَتل مصعب بن الزبير، ثم جهّز الْحَجّاجَ بن يوسف إلى ابن الزبير، فقاتله إلى أن قُتِلَ ابنُ الزبير في جمادى الأولى، سنة (٧٣) من الهجرة، وهذا هو المحفوظ، وهو قول الجمهور، وقيل غير ذلك في سنة قتله. ذكره في "الإصابة" (١).

(يَسْأَلُهُ عَنْ خَمْسِ خِلَالٍ) - بكسر الخاء المعجمة -: جمع خَلّة بالفتح، كخَصْلة وزنًا ومعنًى، (فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما - (لَوْلَا أَنْ أَكْتُمَ عِلْمًا، مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ)؛ أي: إلى نجدة الحروريّ، من الخوارج، قال النوويّ - رحمه الله -: معناه: أن ابن عباس يَكره نجدة؛ لبدعته، وهي كونه من الخوارج الذين يَمْرُقون من الدين مُرُوق السهم من الرَّمِتة، ولكنْ لمّا سأله عن العلم لم يمكنه كَتْمه، فاضطر إلى جوابه، وقال: لولا أن أكتم علمًا ما كتبت إليه؛ أي: لولا أني إذا تركت الكتابة، أصير كاتمًا للعلم، مستحفًا لوعيد كاتمه، لَمَا كتبت إليه. انتهى (٢).

(كَتَبَ إِلَيْهِ)؛ أي: إلى ابن عبّاس - رضي الله عنهما -، (نَجْدَةُ) الْحَروريّ، وقوله: (أَمَّا بَعْدُ .... لخ) مفعول "كتَبَ" محكيّ؛ لقصد لفظه، و"أمّا" تقدّم أنها بفتح الهمزة، وتشديد الميم، وقد تُبدل الميم الأولى ياء، كقوله [من الطويل]:

رَأَتْ رَجُلًا أَيْمَا إِذَا الشَّمْسُ عَرَضَتْ … فَيَضْحَى وَأَيْمَا بِالْعَشِيِّ فَيَخْصرُ

وهي حرف توكيد، وشرط، وتفصيل، وهي نائبة عن "مهما يكن من شيء"، و"بعد" من الظروف المبنيّة على الضمّ؛ لِقَطعه عن الإضافة لفظًا، ونيّة معناها، والفاء في قوله: (فَأَخْبِرْنِي) هي الداخلة في جوابها، وإلى هذا كلّه أشار ابن مالك - رحمه الله - في "خلاصته"، حيث قال:

"أمَّا" كَـ"مَهْمَا يَكُ مِنْ شَيْءٍ" وَفَا … لِتِلْوِ تِلِوِهَا وُجُوبًا أُلِفَا


(١) راجع: "الإصابة في تمييز الصحابة" ٦/ ٨٨.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٩٠.