للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: وفي هذا دليل للشافعيّ، ومالك، وجماهير العلماء، أن حكم اليتم لا ينقطع بمجرد البلوغ، ولا بعلوّ السنّ، بل لا بدّ أن يظهر منه الرُّشد في دينه، وماله، وقال أبو حنيفة: إذا بلغ خمسًا وعشرين سنةً زال عنه حُكم الصبيان، وصار رشيدًا يتصرف في ماله، ويجب تسليمه إليه، وإن كان غير ضابط له، وأما الكبير إذا طرأ تبذيره، فمذهب مالك، وجماهير العلماء، وجوب الحَجْر عليه، وقال أبو حنيفة: لا يُحجر، قال ابن القصار وغيره: الصحيح الأول، وكأنه إجماع. انتهى (١).

(وَعَنِ الْخُمْسِ)؛ أي: وسأله أيضًا عن خمس الغنيمة (لِمَنْ هُوَ؟)؛ أي: من الذي يستحقّه من الناس؟ (فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما -، قائلًا: (كَتَبْتَ تَسْأَلْنِي هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟) وجوابه قوله: (وَقَدْ كَانَ يَغْزُو بِهِنَّ، فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى)؛ يعني: أن مهمتهنّ بحضور الغزو هو مداواتهنّ الجرحى، لا مقاتلتهنّ العدوّ، (وَيُحْذَيْنَ) بضمّ الياء، وإسكان الحاء المهملة، وفتح الذال العجمة؛ أي: يُعطين، و"الْحذْوة" بكسر الحاء، وضمّها: هي العطيّة (مِنَ الْغَنِيمَةِ) ما يراه الإمام دون تحديد مقدار العطيّة، وتُسمّى الرضخ. (وَأَمَّا بِسَهْمٍ)؛ أي: وأما الضرب لهن بسهم من سهام الغنيمة (فَلَمْ يَضْرِبْ) بالبناء للمفعول، (لَهُنَّ)؛ يعني: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعطيهنّ ما يراه، ولا يجعل لهنّ مثل سهام المقاتلين، قال النوويّ - رحمه الله -: وفي هذا أن المرأة تستحقّ الرَّضْخ، ولا تستحقّ السهم، وبهذا قال أبو حنيفة، والثوريّ، والليث، والشافعيّ، وجماهير العلماء، وقال الأوزاعيّ: تستحقّ السهم، إن كانت تقاتِلُ، أو تداوي الجرحى، وقال مالك: لا رَضْخَ لها، وهذان المذهبان مردودان بهذا الحديث الصحيح الصريح. انتهى (٢).

(وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ يَقْتُلُ الصِّبْيَانَ) بل كان ينهى عن ذلك، وهذا إذا لم يقاتلوا، وكذا النساء، فأما إذا قاتلوا، فيجوز قتلهم. (فَلَا تَقْتُل) أنت


= قال: حَفِظتُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُتْمَ بعد احتلام، ولا صُمات يوم إلى الليل". انتهى.
(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٩١.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٩٠.