للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(الصِّبْيَانَ) للنهي عنه، قال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا مذهب كافة العلماء أن الصبيان لا يُقتلون، إلا أن يُبَيَّت العدوّ، فيصاب صبيانهم معهم، وقد تقدَّم أن الصبيان لا يُقتلون؛ لأنه لا يكون منهم قتال غالبًا، ولأنهم مال. انتهى (١).

وقال ابن عبّاس - رضي الله عنهما -: (وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي مَتَى يَنْقَضِي يُتْمُ الْيَتِيمِ؟) المراد: حُكم يُتْمه؛ لأن يُتمه ينقضي ببلوغه، كما مرّ آنفًا. (فَلَعَمْرِي) اللام هي لام القَسَم، و"عَمري" بفتح العين لا غيرُ هنا، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: عَمِرَ يَعْمَرُ، من باب تَعِبَ عُمْرًا، بفتح العين، وضمّها: إذا طال عُمره، فهو عامرٌ، ويتعدّى بالحركة، والتضعيف، فيقال: عَمَرَهُ الله يَعْمُرُهُ، من باب قَتَلَ، وعَمَّرَهُ تَعْمِيرًا؛ أي: أطال عُمْرَهُ، وتدخل لام القَسَم على المصدر المفتوح، فتقول: لَعَمْرُك لأفعلَنَّ، والمعنى: وحياتِكَ، وبقائك. انتهى (٢).

[فإن قلت]: كيف قال ابن عبّاس - رضي الله عنهما -: "فلعَمْري" مع أنه ورد النهي عن الحَلِف بغير الله تعالى؟.

[الجواب]: أن هذا ليس مما يراد به اليمين، وإنما هو مجرّد تأكيد الكلام، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفلح وأبيه"، و: "تربت يداك"، و"عَقْرَى"، و"حَلْقَى"، مما يجري على الألسنة، ولا يُراد حقيقته، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(إِنَّ الرَّجُلَ لَتَنْبُتُ لِحْيَتُهُ) بكسر اللام: الشعر النازل على الذقن، والجمع: لِحًى، مثلُ سِدْرةٍ وسِدَرٍ، وتُضمّ اللام أيضًا، مثلُ حِلْيَةٍ وحُلًى (٣). (وَإِنَّهُ لَضَعِيفُ الأَخْذِ لِنَفْسِهِ)؛ أي: لا يقدر أن يتقاضى حقّه من الناس؛ لعدم رُشده، (ضَعِيفُ الْعَطَاءِ مِنْهَا)؛ أي: من نفسه، يعني: أنه لا يؤدّي من نفسه إلى الناس ما يستحقّون عليه؛ لِمَا ذُكر. (فَإِذَا أَخَذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صَالِحٍ) وفي بعض النسخ: "من مصالح" (مَا يَأْخُذُ النَّاسُ)؛ يعني: أنه إذا كان حافظًا لماله، عارفًا بوجوه التصرّف في الأخذ من الناس لنفسه، وإعطائه لهم حقّهم، (فَقَدْ ذَهَبَ عَنْهُ الْيُتْمُ)؛ أي: زال عنه حكم الْيُتْم، وهو الحَجْر في ماله، فيكون من أهل التصرّف التامّ فيه، والله تعالى أعلم.


(١) "المفهم" ٣/ ٦٨٩.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٢٩.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٥٥١.