للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن عبّاس - رضي الله عنهما -: (وَكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْخُمْسِ لِمَنْ هُوَ؟) قال النوويّ - رحمه الله -: معناه خُمس خُمس الغنيمة الذي جعله الله لذوي القربى، وقد اختَلَف العلماء فيه، فقال الشافعيّ مثل قول ابن عباس - رضي الله عنهما -، وهو أن خمس الخمس من الفيء والغنيمة يكون لذوي القربى، وَهُم عند الشافعيّ، والأكثرين: بنو هاشم، وبنو المطلب. انتهى (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا الخُمس المسؤول عنه، هو خمس الخمس، لا خمس الغنيمة، ولا يقول ابن عباس، ولا غيره: إن خمس الغنيمة يُصرف في القرابة، وإنما يُصرف إليهم خمس الخمس على قول من يَقسم خمس الغنيمة على خمسة أخماس؛ على ما تقدَّم من مذهب الشافعيّ، وهو الذي أشار إليه ابن عباس، وهو مذهب أحمد بن حنبل. انتهى (٢).

(وَإِنَّا كُنَّا نَقُولُ) وفي نسخة: "وإنا نقول" (هُوَ لَنَا، فَأَبَى عَلَيْنَا قَوْمُنَا ذَاكَ) وفي بعض النسخ: "ذلك"؛ أي: رأوا أنه لا يتعيّن صرفه إلينا، بل يصرفونه في المصالح، قال النوويّ: وأراد بقومه: وُلاة الأمر من بني أمية، وقد قال الشافعيّ - رحمه الله -: يجوز أن ابن عباس أراد بقوله: "أبى ذاك علينا قومنا" مَن بعد الصحابة - رضي الله عنهم -، وهم يزيد بن معاوية، وأهله. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: الذي يظهر لي أن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - أراد بقومه عمر بن الخطّاب، ومن كان معه، فقد صرّح بذلك في "سنن النسائيّ"، ولفظه: عن يزيد بن هُرمز: أن نجدة الحروريّ حين خرج في فتنة ابن الزبير، أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذوي القربى لمن تراه؟ قال: هو لنا لقربى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قَسَمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم، وقد كان عُمر عَرَض علينا شيئًا، رأيناه دون حقّنا، فأبينا أن نَقْبله، وكان الذي عَرَض عليهم أن يُعين ناكحهم، وَيَقضي عن غارمهم، ويُعطي فقيرهم، وأبى أن يزيدهم على ذلك. انتهى (٣).

والحاصل أن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - الذي أبي عليه، لكن هذا اجتهاد اختلف فيه ابن عبّاس وذووه مع الخليفة عمر - رضي الله عنه -، فرأى هو أنهم يستحقّونه بالحاجة


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٩١ - ١٩٢.
(٢) "المفهم" ٣/ ٦٨٨ - ٦٨٩.
(٣) "سنن النسائيّ - المجتبى -" ٧/ ١٢٨.