للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طرفًا، وهو العقد لأحد الستة، وإن لَمْ ينصّ عليه. انتهى ملخصًا (١).

(وَإِنْ أَتْرُكْكُمْ)؛ أي: من غير استخلاف، (فَقَدْ تَرَكَكُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي) وقوله: (رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) بالرفع على البدليّة من "مَنْ".

قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "فإن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يستخلف"؛ أي: لَمْ يَنُصّ على خليفة، لا على أبي بكر، ولا على غيره، وهذا هو مذهب جماعة من أهل السُّنَّة، والصحابة، ومن بعدهم، وقد ذهب بكر بن أخت عبد الواحد إلى أن تقديم أبي بكر كان بالنصّ من النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وذهب ابن الراونديّ إلى أنه نصّ على العباس، وذهبت الشيعة، والرافضة إلى أنه نصَّ على عليّ، وكل ذلك أقوال باطلة قطعًا؛ إذ لو كان ذلك لكان المهاجرون والأنصار أعرف بذلك، فإنهم اختلفوا في ذلك يوم السَّقيفة، وقال كلّ واحد منهم ما عنده في ذلك من النظر، ولم ينقل منهم أحدٌ نصًّا على رجل بعينه، ولو كان عندهم نصُّ لاستحال السكوت عليه في مثل ذلك الوقت العظيم، والخَطْب المهمّ الجسيم، والحاجة الفادحة، مع عدم التقيّة والتواطُؤ من ذلك الجمع على الكتمان، ومُدَّعِي النصّ في ذلك كاذب قطعًا، فلا يُلْتَفَتُ إليه، وكل من ذُكِر له خلاف في هذه المسألة لا يُعْتَدُّ بخلافه، فإنه إما مُكَفِّر، وإما مُفَسِّق مُبَدَّع، ومن كان كذلك لا يُعتد بخلافه، والمسألة إجماعية قطعية، والله الموفّق. انتهى كلام القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (٢).

(قَالَ عَبْدُ اللهِ) بن عمر - رضي الله عنهما - (فَعَرَفْتُ أَنَّهُ)؛ أي: عمر - رضي الله عنه -، (حِينَ ذَكَرَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ) لأنه لا يقدَّم أحدًا عليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عمر (٣) - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.


(١) "شرح البخاريّ" لابن بطَّال ٨/ ٢٨٣، و"الفتح" ١٧/ ٦٠، كتاب "الإحكام" رقم (٧٢١٨).
(٢) "المفهم" ٤/ ١٣ - ١٤.
(٣) الحديث من مسند عمر - رضي الله عنه -، لا من مسند ابن عمر، كما في "تحفة الأشراف" ٨/ ٦٤، =