للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بخلاف أهل البدع في بعض هذه المسائل، فإنهم مسبوقون بإجماع السلف، وأيضًا: فإنهم لا يُعتدُّ بخلافهم على ما تقدَّم. انتهى.

٣ - (ومنها): أنهم أجمعوا أيضًا على جواز جعل الخليفة الأمر شُورى بين جماعة، كما فَعَل عمر - رضي الله عنه - بالستة.

٤ - (ومنها): ما قال ابن بطال - رَحِمَهُ اللهُ -: وفي هذه القصّة دليلٌ على جواز عقد الخلافة من الإمام المتولّي لغيره بعده، وأن أمْره في ذلك جائز على عامّة المسلمين؛ لإطباق الصحابة ومن معهم على العمل بما عَهِده أبو بكر لعمر - رضي الله عنهما -، وكذا لَمْ يختلفوا في قبول عهد عمر - رضي الله عنه - إلى الستة، قال: وهو شبيه بإيصاء الرجل على ولده؛ لكون نَظَره فيما يَصلح أتَمَّ من غيره، فكذلك الإمام. انتهى.

٥ - (ومنها): أن فيه ردًّا على من جزم؛ كالطبري وقبله بكر بن أخت عبد الواحد، وبعده ابن حزم بأن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استَخْلَف أبا بكر، قال ابن بطّال: وجْه ذلك جزمُ عمر - رضي الله عنه - بأنه لَمْ يستخلِف - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لكن تمسَّك من خالفه بإطباق الناس على تسمية أبي بكر خليفة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، واحتَجّ الطبريّ أيضًا بما أخرجه بسند صحيح، من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم: رأيت عمر يُجَلِّس الناسَ، ويقول: اسمعوا لخليفة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قال الحافظ: ونظيره ما في البخاريّ من قول أبي بكر - رضي الله عنه -: "حتى يُرِيَ اللهُ خليفةَ نبيِّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -" (١).

ورُدّ بأن الصيغة يَحْتَمِل أن تكون من مفعول، ومن فاعل، فلا حجة فيها، ويترجح كونها من فاعل: جزم عمر - رضي الله عنه - بأنه لَمْ يستخلف، وموافقة ابن عمر له على ذلك، فعلى هذا فمعنى خليفة رسول الله: الذي خَلَفه، فقام بالأمر بعده، فسُمّي خليفة رسول الله لذلك، وأن عمر أطلق على أبي بكر خليفة رسول الله، بمعنى أنه أشار إلى ذلك بما تضمّنه حديث الباب وغيره، من الأدلة، وإن لَمْ


(١) هو ما أخرجه البخاريّ في "صحيحه" (٦/ ٢٦٣٩) عن طارق بن شهاب، عن أبي بكر - رضي الله عنه - قال لوفد بُزَاخة: تَتْبعون أذناب الإبل، حتى يُرِيَ الله خليفة نبيّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والمهاجرين أمرًا يعذرونكم به".
راجع: تمام قصّتهم في "الفتح" ١٧/ ٦٤ - ٦٥ رقم (٧٢٢١).