للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وللعرب فيها لغتان، منهم من يجعلها هاء، ويبني عليها تصاريف الكلمة، ويقول: الأصل: شَفْهَةٌ، وتُجْمَع على شِفَاهٍ، مثلُ كَلْبةٍ، وكِلابٍ، وعلى شَفَهَاتٍ، مثلُ سَجْدةٍ وسَجَدات، وتُصَغّر على شُفَيْهَةٍ، وكلّمته مُشَافَهَةً، والحروف الشَّفَهِيَّةُ، ومنهم من يَجعلها واوًا، ويبني عليها تصاريف الكلمة، ويقول: الأصل شَفْوَةٌ، وتُجمع على شَفَوَاتٍ، مثل شَهْوَةٍ وشَهَوَاتٍ، وتصغّر على شُفَيَّةٍ، وكلّمته مُشَافَاةً، والحروف الشَّفَوِيَّةُ، ونقل ابن فارس القولين عن الخليل، وقال الأزهريّ أيضًا: قال الليث: تُجمع الشَّفَةُ على شَفَهَاتٍ، وشَفَوَاتٍ، والهاء أقيس، والواو أعمّ؛ لأنهم شبّهوها بسنوات، ونُقصانها حَذْف هائها، وناقض الجوهريّ، فأنكر أن يقال: أصلها الواو، وقال: تُجمَع على شَفَوَاتٍ، ويقال: ما سمعت منه بِنْتَ شَفَةٍ؛ أي: كلمة، ولا تكون الشَّفَةُ إلَّا من الإنسان.

ويقال في الْفَرْق: الشَّفَةُ من الإنسان، والْمِشْفَرُ من ذي الْخُفّ، والجَحْفَلَةُ من ذي الحافر، والمِقَمَّةُ من ذي الظِّلْف، والخَطْمُ، والخُرْطُومُ من السِّباع، والمِنْسَرُ بفتح الميم، وكسرها، والسين مفتوحة فيهما، من ذي الجناح الصائد، والمِنْقَارُ من غير الصائد، والْفِنْطِيسة من الخنزير. انتهى (١).

وقد نظمت هذه الفروق، بقولي:

فَائِدَةٌ مُهِمَّةٌ أَنِيقَهْ … بِحِفْظِهَا وَفَهْمِهَا خَلِيقَهْ

لِنَّاسِ جَاءَ شَفَةٌ وَالْمِشْفَرُ … غَدَا لِذِي الْخُفِّ فَخُذْهُ تُشْكَرُ

وَقُلْ لِذِي الْحَافِرِ جَاءَ جَحْفَلَهْ … مِقَمَّةٌ ذَوَاتَ ظِلْفٍ شَمَلَهْ

وَالْخَطْمُ وَالْخُرْطُومُ لِسِّبَاعِ … وَمِنْسَرٌ لِذِي الْجَنَاحِ السَّاعِي

لِلاصْطِيَادِ وَالَّذِي لَا صَيْدَ لَهْ … أَتَى لَهُ الْمِنْقَارُ عِنْدَ النَّقَلَهْ

قَالُوا وَللْخِنْزِيرِ جَا فِنْطِيسَةُ … فَلْتَحْفَظَنْ فَإِنَّهَا نَفِيسَةُ

وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي "الْمِصْبَاحِ" … عَلَّامَةُ الْفَيُّومِ كَالْمِصْبَاحِ

(وَقَدْ قَلَصَتْ)؛ أي: انزوت، أو ارتفعت، يقال: قَلَصت شفته، من باب ضَرَبَ: انزوت؛ أي: انجمعت، وتقلّصتْ مثله، وقَلَصَ الظلُّ: ارتفع، أفاده الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -.


(١) "المصباح المنير" ١/ ٣١٨.