للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إمارة، أو قضاء، أو حسبة، أو نَظَر على يتيم، أو صدقة، أو وقْف، وفيما يلزمه من حقوق أهله، وعياله، ونحو ذلك. انتهى.

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "الذين يعدلون" يَحْتَمل وجوهًا من الإعراب: أن يكون خبرًا لـ "إن" كما سبق، وأن يكون صفة لـ "المقسطين" على تأويل: ذوات لها الإقساط، كما يقال: شجاع باسلٌ، وعليه ظاهر كلام الشيخ التوربشتيّ؛ إذ قال: وقد فَسَّر "المقسطين" في الحديث بما وصفهم به - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، من قوله: "الذين يعدلون" إلى آخر الحديث.

وأن يكون بدلًا، أو نصبًا على المدح، أو رفعًا عليه، وأن يكون استئنافًا؛ كأنه قيل: من هؤلاء السادة المقرّبون، وقد فازوا بالقدح المعلّي، والمنحة الكبرى؛ فقيل: هم الذين يعدلون … إلى آخره، فإذا جُعل صفةً، فالتعريف في "المقسطين" يَحْتَمل العهد المتعارف بين الناس من الحكام، وأن يكون للجنس، فبيّن بقوله: "الذين يعدلون" أن المراد به الثاني.

ولَمّا كان المراد به استغراق الجنس مشتملًا على التعدّد قال أَوّلًا: "في حكمهم"؛ ليدخل فيه من بيده أزمّة حكم الشرع، من الخلفاء، والأمراء، والقضاة، وغيرهم، وثانيًا: "وأهليهم"؛ ليدخل فيه كلّ من تحت يد أحد من أهله، وعياله، ونحو ذلك، وثالثًا: "وما وَلُوا"؛ ليستوعب جميع من يتولّى أمرًا من الأمور، فيدخل فيه نفسه أيضًا.

قال الأشرف: فالرجل يَعدل مع نفسه، بأن لا يضيّع وقته في غير ما أمر الله تعالى به، بل يمتثل أوامر الله تعالى، وينزجر عن نواهيه على الدوام، كما دَأْب الأولياء المقرّبين، أو غالبًا، كما هو دين المؤمنين الصالحين.

قال الطيبيّ: قَسَم الله تعالى عباده المصطفين من أمّة محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثلاثة أقسام: ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق، فالمقتصد من عَدَل، ولم يتجاوز إلى حدّ الظلم على نفسه، ولم يترقّ إلى مرتبة السابق الذي جمع بين العدل والإحسان.

قال: فإن قلت: إذا بيّن "المقسطين" بالذين جمعوا بين هذه الخصال، فكيف حال من انفرد بخصلة من هذه الخصال؟ هل يترتّب عليه تلك المراتب العليّة، والمنازل السنيّة؟.