للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١ - (منها): بيان وجوب حفظ الإمام حقوق الرعيّة، وعدم تساهله في ذلك؛ لأنه مسئول عنهم، وكذا الذين ذُكروا بعده يجب عليهم القيام بما استرعاهم الله تعالى، وجَعَله تحت تصرّفهم، فإنهم مسئولون عنهم أيضًا.

٢ - (ومنها): ما قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: في هذا الحديث أن الراعي ليس مطلوبًا لذاته، وإنما أقيم لحفظ ما استرعاه المالك، فينبغي أن لا يتصرف إلَّا بما أَذِن الشارع فيه، وإنما أقيم لحفظ ما استرعاه الله تعالى، فعلى السلطان حِفظ الرعيّة فيما يتعيّن عليه، من حِفظ شريعتهم، والذبّ عنها لكل متصدّ لإدخال داخلة فيها، أو تحريف لمعانيها، أو إهمال حدودهم، أو تضييع حقوقهم، وتَرْك حماية من جار عليهم، ومجاهدة عدوّهم، أو تَرْك سيرة العدل فيهم، فينبغي أن لا يتصرف في الرعيّة إلَّا بما أَذِن الله تعالى، ورسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - به، ولا يطلب أجره إلَّا من الله؛ كالراعي. انتهى (١).

٣ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على أنَّ المكلَّف يؤاخذ بالتقصير في أمر مَن هو في حكمه.

٤ - (ومنها): بيان أن للعبد أن يتصرف في مال سيده بإذنه، وكذا المرأة، والولد.

٥ - (ومنها): ما قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: كلُّ من ذُكِر في هذا الحديث قد كُلِّف ضبطَ ما أُسند إليه من رعيته، واؤتُمِنَ عليه، فيَجبُ عليه أن يجتهد في ذلك، وينصح، ولا يفرِّط في شيء من ذلك، فإن وفَّى ما عليه من الرعاية حصل له الحظ الأوفر، والأجر أكبر، وإن كان غير ذلك طالبه كلُّ واحدٍ من رعيّته بحقِّه، فكَثُر مُطالبوه، وناقشه محاسبوه؛ ولذلك قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَا مِنْ أميرِ عشرة، فما فوقهم، إلَّا ويُؤتى به يوم القيامة مغلولًا، فإما أن يفكّه العدلُ، أو يُوبقُه الجوْر" (٢)، وعن معقل بن يسار - رضي الله عنه - قال: سمعت النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "ما من عبد يسترعيه الله رعيةً، فلم يُحطها بنصحه، إلَّا لَمْ يجد رائحة الجَنَّة"، متَّفقٌ عليه، لفظ البخاريّ، ولفظ مسلم: "ما من عبد يسترعيه الله رعيةً، يموت يوم


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٦٩.
(٢) حديث صحيح، أخرجه أحمد ٢/ ٤٣١.