للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ما غَلّ قبل القسمة، وأما بعدها، فقال الثوريّ، والأوزاعيّ، والليث، ومالك: يدفع إلى الإمام خمسه، ويتصدق بالباقي، وكان الشافعي لا يرى بذلك، ويقول: إن كان مَلَكه فليس عليه أن يتصدق به، وإن كان لَمْ يملكه فليس له الصدقة بمال غيره، قال: والواجب أن يدفعه إلى الإمام كالأموال الضائعة. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله الشافعيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - هو الأقرب، فتأمله، والله تعالى أعلم.

٢ - (ومنها): ما قال المهلّب - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا الحديث وعيد لمن أنفذه الله عليه من أهل المعاصي، ويَحْتَمِل أن يكون الحمل المذكور لا بدّ منه عقوبةً له بذلك؛ ليفتضح على رؤوس الأشهاد، وأما بعد ذلك، فإلى الله الأمر في تعذيبه، أو العفو عنه.

وقال غيره: هذا الحديث يُفَسِّر قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}؛ أي: يأت به حاملًا له على رقبته، ولا يقال: إن بعض ما يُسْرَق من النقد أخفّ من البعير مثلًا، والبعير أرخص ثمنًا، فكيف يعاقَب الأخفّ جنايةً بالأثقل، وعكسه؛ لأنَّ الجواب: أن المراد بالعقوبة بذلك: فضيحة الحامل على رؤوس الأشهاد، في ذلك الموقف العظيم، لا بالثِّقَل والخفّة.

قال ابن الْمُنَيِّر أظنّ الأمراء فَهِموا تجريس السارق ونحوه من هذا الحديث.

٣ - (ومنها): ما قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: في هذا الحديث ما يدلّ على أنَّ العقوبات في الآخرة تناسب الذنوب المكتسَبة في الدنيا، وقد تكون على المقابَلة، كما يُحشر المتكبِّرون أمثال الذَّر في صُوَر الرجال. انتهى (١).

٤ - (ومنها): أن بعض العلماء استدل بهذا الحديث على وجوب زكاة العُروض، والخيل، قال النوويّ: ولا دلالة فيه لواحد منهما؛ لأنَّ هذا الحديث ورد في الغلول، وأخْذ الأموال غصبًا، فلا تعلّق له بالزكاة. انتهى (٢).

٥ - (ومنها): أن معنى الحديث أن كلّ شيء يغلّه الغالّ يجيء به حاملًا


(١) "المفهم" ٤/ ٣٠.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ٢١٧.