للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالمعروف، والنهي عن المنكر". (وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا) بفتح الهمزة، والمثلّثة، أو بضمّ، فسكون، أو بكسر، فسكون، والمراد: أن طواعيتهم لمن يتولى عليهم لا تتوقف على إيصالهم حقوقهم، بل عليهم الطاعة، ولو مَنَعهم حقهم.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: وكأنَّ هذا القول خاصٌّ بالأنصار، وقد ظهر أثر ذلك يوم حنين، حيث آثر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قريشًا بالفيء، ولم يُعْط الأنصار شيئًا، فجرى من الحديث ما تقدّم في "كتاب الزكاة"، وهناك قال لهم - صلى الله عليه وسلم -: "اصبروا حتى تلقوني على الحوض فقالوا: سنصبر إن شاء الله، وفيه أيضًا تنبيه لهم على أن الخلافة في غيرهم، وقد صرّح بذلك في قوله: "وعلى ألا ننازع الأمر أهله"، وكذلك فعلوا لَمّا عَلِموا أهلية أبي بكر - رضي الله عنه - للخلافة، أذعنوا، وسلّموا، وسمعوا، وأطاعوا. انتهى (١).

(وَأَنْ لَا نُنَازِعَ) وفي بعض النسخ: "ولا ننازع" بحذف "أن". (الأَمْرَ)؛ أي: الملك والإمارة، (أَهْلَهُ) زاد في رواية أحمد: "وإن رأيت أن لك أي: وإن اعتقدت أن لك في الأمر حقًّا فلا تعمل بذلك الظن، بل اسمع، وأطع إلى أن يصل إليك بغير خروج عن الطاعة، وزاد عند ابن حبان وأحمد أيضًا: "وإن أكلوا مالك، وضربوا ظهرك".

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - مستثنيًا الحالة التي تبيح الخروج على الأئمّة ("إِلَّا أَنْ تَرَوْا)؛ أي: تعلموا منهم (كُفْرًا بَوَاحًا) بموحّدة، ومهملة، قال الخطابيّ - رحمه الله -: يريد: كفرًا ظاهرًا باديًا، من قولهم: باح بالشيء يبوح به بَوْحًا، وبَوَاحًا: إذا أذاعه، وأظهره، وأنكر ثابت في "الدلائل": بَوَاحًا، وقال: إنما يجوز بَوْحًا بسكون الواو، وبُؤاحًا بضم أوله، ثم همزة ممدودة، وقال الخطابيّ - رحمه الله -: من رواه بالراء فهو قريب من هذا المعنى، وأصل البراح: الأرض القفراء التي لا أنيس فيها، ولا بناء، وقيل: البراح: البيان، يقال: بَرَح الخفاءُ: إذا ظهر، وقال النوويّ: هو في معظم النسخ من مسلم بالواو، وفي بعضها بالراء.

قال في "الفتح": ووقع عند الطبرانيّ من رواية أحمد بن صالح، عن ابن وهب في هذا الحديث: "كفرًا صُرَاحًا" بصاد مهملة مضمومة، ثم راء، ووقع


(١) "المفهم" ٤/ ٤٥.