للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في رواية حبان أبي النضر: "إلا أن يكون معصية لله بَوَاحًا"، وعند أحمد من طريق عُمير بن هانئ، عن جُنادة: "ما لم يأمروك بإثم بواحًا"، وفي رواية إسماعيل بن عُبيد، عند أحمد، والطبرانيّ، والحاكم، من روايته عن أبيه، عن عبادة: "سَيَلي أموركم من بعدي رجال، يُعَرِّفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تَعرفون، فلا طاعة لمن عصى الله"، وعند أبي بكر بن أبي شيبة، من طريق أزهر بن عبد الله، عن عبادة، رفعه: "سيكون عليكم أمراء، يأمرونكم بما لا تعرفون، ويفعلون ما تنكرون، فليس لأولئك عليكم طاعة". انتهى (١).

(عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ")؛ أي: حجة بيّنة، وأَمْر لا شكّ فيه يحصل به اليقين أنه كفرٌ، فحينئذٍ يجب أن يُخلَع مَن عُقدت له البيعة.

وقال الطيبيّ - رحمه الله -: قوله: "برهان" مبتدأ، و"عندكم" خبره، و"من الله" متعلّق بالظرف، أو حال من المستتر في الظرف؛ أي: بُرهان حاصلٌ عندكم، كائنًا من الله؛ أي: من دين الله. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ"؛ أي: نصُّ آية، أو خبر صحيح، لا يَحتَمِل التأويل، ومقتضاه أنه لا يجوز الخروج عليهم ما دام فعلهم يَحتمل التأويل، قال النوويّ: المراد بالكفر هنا: المعصية، ومعنى الحديث: لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم، ولا تعترضوا عليهم، إلا أن تروا منهم منكرًا محقّقًا، تعلمونه من قواعد الإسلام، فإذا رأيتم ذلك فأنكروا عليهم، وقولوا بالحقّ حيثما كنتم. انتهى.

وقال غيره: المراد بالإثم هنا: المعصية والكفر، فلا يُعترض على السلطان إلا إذا وقع في الكفر الظاهر.

قال الحافظ: والذي يظهر حَمْل رواية الكفر على ما إذا كانت المنازعة في الولاية، فلا ينازعه بما يقدَح في الولاية إلا إذا ارتكب الكفر، وحمل رواية المعصية على ما إذا كانت المنازعة فيما عدا الولاية، فإذا لم يقدَح في الولاية


(١) "الفتح" ١٦/ ٤٣٩، كتاب "الفتن" رقم (٧٠٥٥).
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٦٠.