للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الغنيمة، والفيء، ونحوهما، وكِلُوا إليه أمركم. انتهى (١).

وقال في "الفتح": الحديث ظاهره العموم في المخاطبين، ونقل ابن التين عن الداوديّ أنه خاصّ بالأنصار، ولكن لا يلزم من مخاطبة الأنصار بذلك أن يختص بهم، فإنه يختص بهم بالنسبة إلى المهاجرين، ويختص ببعض المهاجرين دون بعض، فالمستأثر من يلي الأمر، ومن عداه هو الذي يستأثر عليه، ولمّا كان الأمر يختص بقريش، ولا حظ للأنصار فيه خوطب الأنصار بأنكم ستلقون أثرة، وخوطب الجميع بالنسبة لمن يلي الأمر، فقد ورد ما يدل على التعميم، ففي حديث يزيد بن سلمة الجعفيّ، عند الطبرانيّ أنه قال: يا رسول الله إن كان علينا أمراء يأخذون بالحق الذي علينا، ويمنعونا الحق الذي لنا أنقاتلهم؟ قال: "لا، عليهم ما حُمِّلوا، وعليكم ما حُمِّلتم".

وأخرج مسلم، من حديث أم سلمة، مرفوعًا: "سيكون أمراء، فيعرفون، وينكرون، فمن كره برئ، ومن أنكر سَلِم، ولكن مَن رَضِي وتابع"، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: "لا، ما صَلَّوا".

ومن حديث عوف بن مالك، رفعه في حديث في هذا المعنى: "قلنا: يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: لا، ما أقاموا الصلاة"، وفي رواية له: "بالسيف"، وزاد: "وإذا رأيتم من ولاتكم شيئًا تكرهونه، فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يدًا من طاعة".

وفي حديث عمر في مسنده للإسماعيليّ، من طريق أبي مسلم الْخَوْلانيّ، عن أبي عُبيدة بن الجرّاح، عن عمر، رفعه: "قال: أتاني جبريل، فقال: إن أمتك مُفْتَتَنة من بعدك، فقلت: من أين؟ قال: من قِبَل أمرائهم، وقرّائهم، يَمنع الأمراء الناس الحقوق، فيطلبون حقوقهم، فيُفتنون، ويتّبع القراء هؤلاء الأمراء، فيُفتنون، قلت: فكيف يَسلَم من سَلِم منهم؟ قال: بالكف، والصبر، إن أُعطوا الذي لهم أخذوه، وإن منعوه تركوه" (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٥٦٣.
(٢) "الفتح" ١٦/ ٤٣٧، كتاب "الفتن" رقم (٧٠٥٢).