للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: أنتم مهاجرون حيث كنتم"، وسند كل منهما حسنٌ، قاله في "الفتح" (١).

[تنبيه]: زاد في رواية البخاريّ في آخر هذا الحديث قوله: "وعن يزيد بن أبي عبيد قال: لَمّا قُتل عثمان بن عفان، خرج سلمة بن الأكوع إلى الرَّبَذَة، وتزوج هناك امرأةً، ووَلَدت له أولادًا، فلم يَزَلْ بها حتى قبل أن يموت بليال، نزل المدينة". انتهى.

قال في "الفتح": قوله: "وعن يزيد بن أبي عبيد" هو موصول بالسند المذكور.

وقوله: "لمّا قُتل عثمان بن عفان خرج سلمة إلى الرَّبَذَة - بفتح الراء، والموحدة، بعدها معجمة - موضع بالبادية بين مكة والمدينة، ويستفاد من هذه الرواية مُدَّة سكنى سلمة البادية، وهي نحو الأربعين سنةً؛ لأن قَتْل عثمان كان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وموت سلمة سنة أربع وسبعين (٢)، على الصحيح.

وقوله: "نزل المدينة" هذا يُشعر بأن سلمة لم يمت بالبادية، كما جزم به يحيى بن عبد الوهاب ابن منده في الجزء الذي جمعه في آخر من مات من الصحابة، بل مات بالمدينة، كما تقتضيه رواية يزيد بن أبي عبيد هذه، وبذلك جزم أبو عبد الله بن منده في "معرفة الصحابة"، وفي الحديث أيضًا ردٌّ على من أرّخ وفاة سلمة سنة أربع وستين، فإن ذلك كان في آخر خلافة يزيد بن معاوية، ولم يكن الحجاج يومئذ أميرًا، ولا ذا أمر، ولا نهي، وكذا فيه ردٌّ على الهيثم بن عديّ حيث زعم أنه مات في آخر خلافة معاوية، وهو أشدّ غلطًا من الأول، إن أراد معاوية بن أبي سفيان، وإن أراد معاوية بن يزيد بن معاوية، فهو عين القول الذي قبله، وقد مشى الكرمانيّ على ظاهره، فقال: مات سنة ستين، وهي السنة التي مات فيها معاوية بن أبي سفيان، كذا جزم به، والصواب خلافه.


(١) "الفتح" ١٦/ ٤٩٤، كتاب "الفتن" رقم (٧٠٨٧).
(٢) هكذا وقع في "الفتح": سبعين بتقديم السين، ثم الموحّدة، وهذا عندي محلّ نظر؛ لأنه ثبت أنه قتل سعيد بن جبير صبرًا سنة (٩٥) ومات بعده بقليل، فالظاهر أن صوابه "تسعين"، لا سبعين، فليُتأمّل.