للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبو عوانة، وابن خُزيمة، وفي الباب عن نحو من عشرين من الصحابة - رضي الله عنهم -، منها الضعاف، والحسان، وبذلك ثبتت الشهرة.

قال الصنعانيّ: أشار بقوله: الشهرة إلى ردّ الحنفيّة لحديث العمل بالشاهد واليمين بأنه زيادة على ما في القرآن، ولا تُقبل الزيادة من الأحاديث إلَّا إذا كان الخبر مشهورًا، وقد عَمِلوا بأحاديث فيها الزيادة على ما في القرآن، لا تبلغ شهرتها شهرة ما نحن فيه، مثل حديث إيجابهم الوضوء من القهقهة، والمضمضة والاستنشاق في الغسل دون الوضوء، وغير ذلك، قال الإمام الشافعيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: القضاء بشاهد ويمين لا يُخالف نصّ القرآن؛ لأنه لَمْ يمنع أن يجوز أقلّ مما نَصَّ عليه، يعني والمخالف لذلك لا يقول بالمفهوم، فضلًا عن مفهوم العدد. انتهى ما كتبه الصنعاني - رَحِمَهُ اللهُ - (١)، وهو تحقيقٌ حسنٌ، والله تعالى أعلم.

٧ - (ومنها): أنه استُدِلَّ به على توجيه اليمين في الدَّعَاوَى كلّها على من ليست له بينة.

٨ - (ومنها): أن فيه بناءَ الإحكام على الظاهر، وإن كان المحكوم له في نفس الأمر مبطلًا.

٩ - (ومنها): أن فيه دليلًا للجمهور على أن حكم الحاكم لا يُبيح للإنسان ما لَمْ يكن حلالأ له، خلافًا لأبي حنيفة، كذا أطلقه النوويّ.

وتُعُقّب بأن ابن عبد البر نَقَلَ الإجماع على أن الحكم لا يُحِلّ حرامًا في الباطن في الأموال، قال: واختلفوا في حِلّ عصمة نكاح مَنْ عَقَد عليها بظاهر الحكم، وهي في الباطن بخلافه، فقال الجمهور: الفروج كالأموال، وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف، وبعض المالكية: إن ذلك إنما هو في الأموال دون الفروج، وحجتهم في ذلك اللعان. انتهى.

وقد طَرَدَ ذلك بعضُ الحنفية في بعض المسائل في الأموال، والله أعلم.

قال الجامع عفا الله عنه: ما ذهب إليه الجمهور من أن الحكم لا يُحلّ شيئًا من الأموال، والفروج، وغيرها هو الحقّ؛ لظهور حجته، والفرق بين


(١) "العدّة حاشية العمدة" ٤/ ٤٠٢ - ٤٠٣.