عنه الحَجر، إن أُونس رُشده، وغير ذلك من الأحكام، وقد عَمِل بذلك عمر بن عبد العزيز، وأقرّه عليه راويه نافعٌ.
وأجاب الطحاويّ، وابن القصّار، وغيرهما، ممن لم يأخذ به: بأن الإجازة المذكورة جاء التصريح بأنها كانت في القتال، وذلك يتعلّق بالقوّة والجلَد.
وأجاب بعض المالكيّة: بأنها واقعة عين، فلا عموم لها، ويَحْتَمِل أن يكون صادف أنه كان عند تلك السنّ قد احتلم، فلذلك أجازه.
وتجاسر بعضهم، فقال: إنما ردّه لِضَعْفه، لا لسنّه، وإنما أجازه لقوّته، لا لبلوغه.
ويَرُدّ على ذلك ما أخرجه عبد الرزّاق، عن ابن جريج، ورواه أبو عوانة، وابن حبّان في "صحيحيهما" من وجه آخر، عن ابن جريج، قال: أخبرني نافع، فذكر هذا الحديث بلفظ:"عُرضتُ على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق، فلم يُجزني، ولم يرني بلغتُ. . ." الحديث، وهي زيادة صحيحة، لا مَطعَنَ فيها؛ لجلالة ابن جريج، وتقدّمه على غيره في حديث نافع، وقد صرّح فيها بالتحديث، فانتفى ما يُخشى من تدليسه، وقد نصّ فيها لفظ ابن عمر بقوله:"ولم يرني بلغت"، وابن عمر أعلم بما روى من غيره، ولا سيّما في قصّة تتعلّق به، قاله في "الفتح"(١).
وقد اختلف العلماء في سنّ البلوغ، فمنهم من استدلّ بحديث الباب على أنه خمس عشرة سنةً في الغلام والجارية، وهو قول الأوزاعيّ، والشافعيّ، وأحمد، وأبي يوسف، ومحمد، وبه قال ابن وهب، وأصبغ، وابن الماجشون، وعمر بن عبد العزيز، وجماعة من أهل المدينة، واختاره ابن العربيّ.
وقال داود الظاهريّ: لا حدّ للبلوغ من السنّ، وعليه فلا يُعتبر الرجل بالغًا عنده حتى يُنزل، أو يُحبِّل بالغًا ما بلغ من السنّ، وهو رواية عن مالك، وقال أصحابه: سبع عشرة، أو ثماني عشرة سنةً، وقال أبو حنيفة: هو في
(١) "الفتح" ١٤/ ٥٤٠ - ٥٤٣، كتاب "الشهادات" رقم (٢٦٦٤).