التوقِّي في الإيمان في حال اليهودية، فلا يَطَّرِدُ ذلك في حقّ كلّ أحد.
قال الجامع عفا الله عنه: هكذا ذكر في "الفتح" هذا التعقّب، ولم يتعقّبه، وفيه نظر، بل الذي يظهر من الأدلّة ما قاله البعض، وقد ترجم الإمام البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "صحيحه" على هذا، فقال:"بَابُ كلام الخُصُوم بعضِهِم في بعض"، ثم أورد هذا الحديث مستدلًّا على ما ترجم له (١).
ومن الأدلّة عليه ما ثبت في "الصحيحين" من قول العبّاس - رضي الله عنه - حين كان بينه وبين عليّ - رضي الله عنه - خصومة لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وعنده عثمان بن عفّان، وعبد الرَّحمن بن عوف، والزبير بن العوّام، وسعد بن أبي وقّاص - رضي الله عنه -، فقال عباس: يا أمير المؤمنين اقضِ بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن؛ يعني: عليًّا - رضي الله عنه -، فقد جرى هذا الكلام، ووصف عليًّا بهذه الأوصاف المستكرهة، بين يدي أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه -، بمحضر من هؤلاء الأفاضل، ولم يُنكر ذلك أحد منهم، لا عمر، ولا هم، بل قالوا: أجل يا أمير المؤمنين فاقضِ بينهم، وأَرِحْهُم، والقصّة مشهورة في "الصحيحين"، وغيرهما، وهذا لفظ مسلم.
والحاصل أن الصواب أن صدور مثل هذا بين المتخاصمين يُتسامح فيه؛ لصدوره غالبًا في حال الغضب، والله تعالى أعلم.
٢٠ - (ومنها): موعظة الحاكم المطلوب إذا أراد أن يَحْلِف خوفًا من أن يَحْلِف باطلًا، فيرجع إلى الحقّ بالموعظة.
٢١ - (ومنها): أنه استَدَلَّ به القاضي أبو بكر بن الطيب في سؤال أحد المتناظرين صاحبه عن مذهبه، فيقول له: ألك دليل على ذلك؟، فإن قال: نعم، سأله عنه، ولا يقول له ابتداءً: ما دليلك على ذلك؟، ووجه الدلالة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال للطالب:"ألك بينة؟ "، ولم يقل له: قَرِّب بيِّنتك.
٢٢ - (ومنها): أن فيه إشارةً إلى أن لليمين مكانًا يَختصّ به؛ لقوله في بعض طرقه:"فانطلق ليحلفَ"، وقد عُهِدَ في عهده - صلى الله عليه وسلم - الحلف عند منبره، وبذلك احْتَجَّ الخطابيّ، فقال: كانت المحاكمة، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - في المسجد،