وقال النوويّ: اختَلف العلماء في أن المسابقة بينهما مباحة، أم مستحبة؟ ومذهب أصحابنا أنها مستحبة؛ لِمَا ذكرناه، وأجمع العلماء على جواز المسابقة بغير عوض، بين جميع أنواع الخيل: قويِّها مع ضعيفها، وسابِقها مع غيره، سواء كان معها ثالث أم لا، فأما المسابقة بعِوَض فجائزة بالإجماع، لكن يشترط أن يكون العوض من غير المتسابقين، أو يكون بينهما، ويكون معهما محلِّل، وهو ثالثٌ على فرس مكافئ لفرسيهما، ولا يُخرج المحلِّل من عنده شيئًا؛ لِيَخْرج هذا العقد عن صورة القمار، وليس في هذا الحديث ذِكر عِوَض في المسابقة. انتهى (١).
وقال في "الفتح": وقد أجمع العلماء كما تقدّم على جواز المسابقة بغير عوض، لكن قَصَرها مالك، والشافعيّ على الخفّ، والحافر، والنصل، وخصّه بعض العلماء بالخيل، وأجازه عطاء في كل شيء، واتفقوا على جوازها بِعِوَض بشرط أن يكون من غير المتسابقين؛ كالإمام، حيث لا يكون له معهم فرس، وجوّز الجمهور أن يكون من أحد الجانبين من المتسابقين، وكذا إذا كان معهما ثالث محلل بشرط أن لا يُخرج من عنده شيئًا؛ ليخرج العقد عن صورة القمار، وهو أن يُخرج كل منهما سَبَقًا، فمن غلب أخذ السبقين، فاتفقوا على منعه، ومنهم من شرط في المحلِّل أن يكون لا يتحقق السبق في مجلس السبق. انتهى.
٢ - (ومنها): بيان أن المسابقة بين الخيل يجب أن يكون أمدها معلومًا، وأن تكون الخيل متساوية الأحوال، أو متقاربة، وأن لا يُسابَق بالمضمَّر مع غير المضمَّر.
٣ - (ومنها): جواز تضمير الخيل، وهو مجمَع عليه أيضًا؛ للمصلحة في ذلك، وتدريب الخيل، ورياضتها، وتمرّنها على الجري، وإعدادها لذلك؛ لينتفع بها عند الحاجة في القتال كرًّا وفَرًّا.
قال في "الفتح": ولا يخفى اختصاص استحبابه بالخيل المعدّة للغزو. انتهى.