للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رسوله - صلى الله عليه وسلم - من صفات الكمال والجلال، فيجب إثباتها له - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - حقيقةً على الوجه اللائق به - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -.

وأما الصفات السلبيّة، فهي ما نفاه الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عن نفسه في كتابه، أو فيما صحّ عن رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وكلّها صفات نقص في حقّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، كالموت، والنوم، والنسيان، فيجب نفيها عن الله تعالى مع إثبات ضدّها له على الوجه الأكمل.

ثم إن الصفات الثبوتيّة تنقسم إلى ذاتيّة وفعليّة، فالذاتيّة هي التي لَمْ يزل الله تعالى متّصفًا بها، كالعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، وغيرها، ويدخل في هذا القسم الصفات الخبريّة، كالوجه، واليدين، والعينين.

والصفات الفعليّة هي التي تتعلّق بمشيئته - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، إن شاء فعلها، وإن شاء لَمْ يفعلها، وهو - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - متّصفٌ بها منذ الأزل، ولا يجوز اعتقاد أنه تعالى قد وُصِف بها بعد أن لَمْ يكن متّصفًا بها، مثل النزول إلى السماء الدنيا، والغضب، والرضا، والإحياء، والإماتة، ونحوها.

وكلُّ صفة تعلّقت بمشيئة الله تعالى، فإنها تابعة لحكمته، وقد تكون الحكمة معلومة لنا، وقد نَعجَز عن إدراكها، لكن نعلم علم اليقين أنه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - لا يشاء إلَّا وهو موافقٌ للحكمة.

وقد تكون الصفة ذاتيّة باعتبار، وفعليّة باعتبار آخر، كالكلام، فإنه صفة من صفات الذات؛ لأن الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - لَمْ يزل متكلّمًا، ولا يزال متكلّمًا، وأما باعتبار آحاد الكلام، فهو صفة فعليّة.

(ثم اعلم ثانيًا): أن التأويل الذي ذكره عياض والنوويّ للإعراض، والغضب والسخط بإرادة الانتقام، ونحو ذلك هو مذهب الأشاعرة، وأما مذهب السلف، فهو إثبات هذه الصفات لله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - على حقيقتها، فيُثبتون له الغضب حقيقةً على كيفيّة تليق بجلاله، وأما قول القائل: إن الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام، ونحو ذلك، والله تعالى منزّه عن هذا، فيقال له: هذا قد يصحّ في المخلوق، ولا يجوز تشبيه الخالق بالمخلوق؛ لأن - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أثبت هذه الصفات لنفسه، وقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١].

ثم إن المعنى الذي صرفوا إليه اللفظ كالمعنى الذي صرفوه عنه، فإن