الإرادة تتضمّن الميل، وهو مما يتّصف به المخلوق، فوجب إثبات الأمرين، أو نفيهما معًا (١).
والحاصل أن الفرق بين معاني صفات الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - وصفات المخلوقين فيما يقع فيه الشركة في اللفظ والتسمية واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، لا يخفى إلَّا على من أعمى الهوى والتقليد بصيرته، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨)} [آل عمران: ٨]، اللهم أرنا الحقّ حقًّا، وارزقنا اتّباعه، وأرِنا الباطل باطلًا، وارزقنا اجتنابه، آمين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجَّاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب قال:
١ - (جَرِير) هو ابن عبد الحميد المذكور في الباب الماضي.
٢ - (مَنْصُور) هو: ابن المعتمر بن عبد الله السُّلَميّ، أبو عَتّاب الكوفيّ، ثقةٌ ثبت [٦](ت ١٣٢)(ع) تقدّم في "شرح المقدّمة" جـ ١ ص ٢٩٦.
والباقون تقدّموا في الذي قبله.
وقوله:(عَنْ عَبْدِ الله، قَالَ) هو ابن مسعود - رضي الله عنه -، ثم إن روادة جرير، عن منصور هذه هكذا وقعت موقوفة في "الصحيحين"، ولم يقع فيها الرفع، وقد سبق الحديث الماضي من رواية الأعمش مرفوعًا، ولفظه:"عن عبد الله، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال"، وكذا وقع التصريح برفعه في رواية شعبة عن الأعمش،
(١) راجع ما كتبه محقق: "إكمال المعلم" ١/ ٥٣٧ - ٥٣٨.