للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لا للشكّ؛ أي: أوْ كلما سمِع (فَزْعَةً) - بإسكان الزاي -، وهي المرّة من فَزِعَ: إذا خاف، أو نَهَضَ للإغاثة، وملاقاة العدوّ.

وقال الطيبيّ: "الفَزْعة" هنا فُسّرت بإغاثةِ مَن فَزِعَ، إذا استغاث، وأصل الْفَزَعِ: شدّة الخوف (١).

(طَارَ عَلَيْهِ)؛ أي: على متن فرسه، والطيران هنا، وفيما قبله كناية عن المسارعة إلى العدوّ، والمعنى: أنه يبادر فرسَه بسرعة، كلما سمِعَ صوت العدوّ، أو رأى النهضة إلى لقاء العدوّ (يَبْتَغِي الْقَتْلَ وَالْمَوْتَ) قال الطيبيّ: عَطَف الموت على القتل؛ لِمَا أريدَ به الأهوال والأفزاع في مواطن الحرب، كقول الحماسيّ [من الطويل]:

وَلَا يَكْشِفُ الْغَمَّاءَ إِلَّا ابْنُ حُرَّةٍ … يَرَى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ ثُمَّ يَزُوْرُهَا

فيكون "مظانّه" بدل اشتمال من "الموت"؛ كقوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ} الآية [مريم: ١٦]؛ أي: اذكر وقت انتباذها، فيكون مفعولًا به على الاتّساع، ومظانّ الموت في الحديث بمنزلة "غمرات الموت" في البيت، وذهب الشارحون إلى أنه منصوب على الظرفيّة لقوله: "يبتغي". انتهى.

وقوله: (مَظَانَّهُ) جمع مَظِنّة، بكسر الظاء؛ أي: في الأوقات التي يُظَنّ القتل فيها، وهو منصوب هنا على الظرف، قاله القرطبيّ، أو هو منصوب بنزع الخافض؛ أي: في مظانّه، ويَحتمل أن يكون منصوبًا بدلًا من "القتلَ"، والمعنى: أنه يطلب الشهادة في المواضع التي يُرجى فيها الموت؛ رغبة في أن يجود بنفسه لله - سبحانه وتعالى -.

وقال النوويّ: معنى "يبتغي القتل مظانّه": يطلبه في مواطنه التي يرجى فيها؛ لشدة رغبته في الشهادة، وفي هذا الحديث فضيلة الجهاد، والرباط، والحرص على الشهادة. انتهى (٢).

وقال الطيبيّ - رحمه الله -: قوله: "يبتغي القتل والموت مظانّه"؛ أي: لا يبالي،


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٦٢٩.
(٢) "شرح النوويّ" ١٣/ ٣٥.