للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفتحها، والكسر أشهر -، وقد اتَّفق العلماء على أن بني لحيان كانوا في ذلك الوقت كفّارًا، فبعث إليهم بَعْثًا يغزونهم، وقال لذلك البعث: "ليخرج من كل قبيلة نصف عددها"، وهو المراد بقوله: "من كل رجلين أحدهما"، وأما كون الأجر بينهما فهو محمول على ما إذا خلف المقيم الغازي في أهله بخير، كما شرحناه قريبًا، وكما صُرِّح به في باقي الأحاديث. انتهى (١).

(مِنْ هُذَيْلٍ)؛ يعني: أن بني لحيان قبيلة من شعبة من هُذيل بصيغة التصغير، وهو هُذيب بن مُدركة بن إلياس بن مضر بن نِزَار بن معدّ بن عدنان، قاله في "اللباب" (٢)، وقال أيضًا: لحيان بن هُذيل بن مُدركة بن إلياس بن مضر. انتهى (٣). (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("لِيَنْبَعِثْ)؛ أي: ليَنْهَض، وليخرج، ويذهب إلى الغزو.

فقوله: "فقال: لينبعث" معطوف على محذوف؛ أي: أراد أن يبعث بعثًا، فقال: لينبعث. . . إلخ (٤).

(مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا)؛ أي: ويخلفه الآخر في أهله بخير، كما قال في الرواية الآتية: "ثُمَّ قَالَ لِلْقَاعِدِ: أَيُّكُمْ خَلَفَ الْخَارِجَ فِي أَهْلِهِ، وَمَالِهِ بِخَيْرٍ، كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ الْخَارِجِ وتقدّم أن المعنى: ليخرج من كلّ قبيلة نصفها، (وَالأَجْرُ بَيْنَهُمَا" أي: يكون الأجر بين الغازي، والباقي إذا قام على أهله بخير، وهذا فيه أن أجرهما سواء، وقوله في الرواية الأخرى: "مِثل أجر الخارج" يقتضي أن للقاعد نصف أجر الخارج، لا مِثله، وتقدّم أن المراد بالنصف: نصف مجموع الأجرين؛ لأنه إذا جُمع أجراهما، ثم قُسم بينهما كان نصيب أحدهما نصفًا للمجموع، وهو في ذاته كامل، ويَحْتَمل أن يكون النصف للقاعد حقيقةً، فلا يساوي الخارج؛ لأنه يتحمّل المشقة أكثر منه، والتوجيه الأول أولى، وأقرب؛ لأن القاعد يتحمّل أيضًا المشقّة بقيامه على أهل الخارج


(١) "شرح النوويّ" ١٣/ ٤٠.
(٢) "اللباب في تهذيب الأنساب" ٣/ ٣٨٣.
(٣) "اللباب في تهذيب الأنساب" ٣/ ١٢٩.
(٤) راجع: "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٦٣٢.