للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً} " - فهؤلاء القاعدون غير أولي الضرر - {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (٩٥) دَرَجَاتٍ مِنْهُ} [النساء: ٩٥، ٩٦] على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر، هكذا أورده سياقًا واحدًا، ومن قوله: {دَرَجَةً}. . . إلخ مدرج في الخبر من كلام ابن جريج، بيَّنه الطبريّ، فأخرج من طريق حجاج نحو ما أخرجه الترمذيّ إلى قوله: {دَرَجَةً}، ووقع عنده: فقال عبد الله ابن أم مكتوم، وأبو أحمد بن جحش، وهو الصواب في ابن جحش، فإن عبد الله أخوه، وأما هو فاسمه: عبد، بغير إضافة، وهو مشهور بكنيته، ثم أخرجه بالسند المذكور عن ابن جريج، قال: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (٩٥) دَرَجَاتٍ مِنْهُ}، قال: على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر.

وحاصل تفسير ابن جريج: أن المفضل عليه غير أولي الضرر، وأما أولو الضرر فمُلحقون في الفضل بأهل الجهاد، إذا صدقت نياتهم، كما تقدم في "المغازي" من حديث أنس: "إن بالمدينة لأقوامًا، ما سرتم من مسير، ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم، حبسهم العذر".

ويَحْتَمِل أن يكون المراد بقوله: {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً}؛ أي: من أولي الضرر وغيرهم، وقوله: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (٩٥) دَرَجَاتٍ مِنْهُ}؛ أي: على القاعدين من غير أولي الضرر، ولا ينافي ذلك الحديث المذكور عن أنس، ولا ما دلت عليه الآية من استواء أولي الضرر مع المجاهدين؛ لأنها استثنت أولي الضرر من عدم الاستواء، فأفهمت إدخالهم في الاستواء؛ إذ لا واسطة بين الاستواء وعدمه؛ لأن المراد منه: استواؤهم في أصل الثواب، لا في المضاعفة؛ لأنها تتعلق بالفعل.

ويَحْتَمِل أن يلتحق بالجهاد في ذلك سائر الأعمال الصالحة. انتهى (١).

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث البراء - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.


(١) "الفتح" ١٠/ ٦٨ - ٦٩، كتاب "التفسير" رقم (٤٥٩٥).