للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَشِيَّةَ فَرَّ الْحَارِثيُّونَ بَعْدَمَا … قَضَى نَحْبَهُ فِي مُلْتَقَى الْجَيْشِ هَوْبَرُ (١)

والمعنى هنا: أي منهم من بذل جهده على الوفاء بعهده حتى قُتل، كأنس بن النضر، وحمزة بن عبد المطّلب، ومصعب بن عُمير، وغيرهم.

({وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ})؛ أي: الوفاء بما نذر من الموت على ما عاهد عليه، فهو منتظر للشهادة في سبيل الله تعالى. ({وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا})؛ أي: استمرّوا على ما التزموا، ولم يقع منهم نقضٌ لِمَا أبرموا (٢).

وقوله: (قَالَ) قال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا القائل هو ثابتٌ، والله تعالى أعلم.

قال الجامع عفا الله عنه: بل الظاهر أن القائل هو أنس - رضي الله عنه -، فتأمله والله تعالى أعلم.

(فَكَانُوا يُرَوْنَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ) وفي رواية البخاريّ: "قال أنسٌ: كنا نرى أو نظنّ أن هذه الآية نزلت فيه، وفي أشباهه".

قال في "الفتح": قوله: "قال أنس: كنا نُرَى، أو نَظُنّ" شك من الراوي، وهما بمعنى واحد، وفي رواية أحمد، عن يزيد بن هارون، عن حميد: "فكنا نقول"، وكذا لعبد الله بن بكر، وفي رواية أحمد بن سنان، عن يزيد: "وكانوا يقولون"، أخرجه ابن أبي حاتم عنه، وكأن التردد فيه من حميد، ووقع في رواية ثابت: "وأُنزلت هذه الآية" بالجزم. انتهى (٣).

والمعنى: أن الصَّحابةَ - رضي الله عنهم - كانوا يظنّون أنَّ هذه الآية الكريمة نزلتْ في أنس بن النضر، وأصحابِهِ الذين استُشهدوا معه، قال القرطبيّ: وقد قيل: نزلت في السَّبعين الذين بايعوا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم، وأبناءهم، فوفَّوا بذلك؛ قاله الكلبيُّ، وقد قيل غير هذا (٤)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) هو: هوبر بن يزيد الحارثيّ.
(٢) "المفهم" ٣/ ٧٤٠.
(٣) "الفتح" ٧/ ٦٨، كتاب "الجهاد" رقم (٢٨٠٥).
(٤) "المفهم" ٣/ ٧٤٠.