للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مؤنثه أيضًا لغتان: "امرأة"، و"مرأة"، وفي هذا الحديث استعمل اللغة الأولى منهما من كلا النوعين؛ إذْ قال: "لكل امرئ"، "وإلى امرأة". قاله في "العمدة" (١).

وقال العراقي: المعروف في الرواية كسر الراء من قوله: "لكل امرئ"، وعلى هذا فإعرابه بحرفين من آخره الراء والهمزة، تقول: امرؤ جيد برفع الراء، ورأيت امرءًا بنصبها، وهذه هي اللغة الفصحى، وفيه لغتان أخريان: فتح الراء مطلقًا، حكاها الفراء، وضمّها مطلقًا، وتكون حركات الإعراب في الهمزة فقط. انتهى (٢).

(وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى)؛ أي: لكل رجل: الذي قَصَده، وكذا لكل امرأة لأن النساء شقائق الرجال، وفي "القاموس": المرأ مثلث الميم: الإنسان، أو الرجل.

وعلى القول بأن "إنما" للحصر، فهو هنا من حصر الخبر في المبتدإ، أو يقال: من قصر الصفة على الموصوف؛ لأن المقصور عليه في "إنما" دائمًا المؤخَّر، قاله القسطلانيّ، وفي هذه الجملة تحقيق لاشتراط النية، والإخلاص في الأعمال، قاله القرطبيّ.

فتكون على هذا جملةً مؤكدةً لِمَا قبلها، وقال غيره: بل تفيد غير ما أفادته الأُولى؛ لأن الأُولى نَبَّهَت على أن العمل تابع للنية، ويصاحبها، فيترتب الحكم على ذلك، والثانية أفادت أن العامل لا يحصل له إلا ما نواه.

ثم فَصَّل ما أجمله فيما تقدم بقوله: (فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ) - بكسر الهاء - فِعْلَةٌ من الهَجْر، وهو ضدُّ الوصل، ثم غلب على الخروج من أرض إلى أرض، وترك الأُولى للثانية، قاله في "النهاية، لابن الأثير"، وفي "العباب": الْهَجْرُ: ضدّ الوصل، وقد هَجَره يهجُرُه، بالضمّ هَجْرًا، وهِجْرَانًا، والاسم الْهِجْرة، ويقال: الهِجْرة: التركُ، والمراد بها هنا ترك الوطن، والانتقال إلى غيره، وهي في الشرع: مُفارقةُ دار الكفر إلى دار الإسلام خوفَ الفتنة، وطلبَ


(١) "عمدة القاري" ١/ ٥٣.
(٢) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٢/ ١١.