وأخرج الإمام أحمد، وابن ماجه من حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"من كانت هَمّه الدنيا فرّق الله شمله - وفي لفظ: أمره - وجعل فَقْره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره، وجعل غِناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة". هذا لفظ ابن ماجه، ولفظ أحمد:"من كانت همّه الآخرة، ومن كانت نيّته الدنيا"، وخرَّجه ابن أبي الدنيا، وعنده:"من كانت نيته الآخرة، ومن كانت نيته الدنيا".
وفي "الصحيحين" عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"إنك لن تُنفق نفقة تبتغي بها وجه الله، إلا أُثِبْت عليها، حتى اللقمة تجعلها في فيِّ امرأتك"، وروى ابن أبي الدنيا بإسناد منقطع عن عمر قال:"لا عمل لمن لا نيّة له، ولا أجر لمن لا حِسبة له"؛ يعني: لا أجر لمن لم يحتسب ثواب عمله عند الله - عز وجل -، وبإسناد ضعيف عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: لا يَنفع قول إلا بعمل، ولا ينفع قول ولا عمل إلا بنيّة، ولا ينفع قول ولا عمل ولا نية إلا بما وافق السنة، وعن يحيى بن أبي كثير قال: تعلّموا النية، فإنها أبلغ من العمل، وعن زيد الشامي، قال: إني لأحب أن تكون لي نية في كل شيء حتى في الطعام والشراب.
وعنه أيضًا أنه قال: انْو في كل شيء تريد الخيرَ حتى خروجك إلى الكناسة، وعن داود الطائيّ قال: رأيت الخير كله إنما يجمعه حُسن النية، وكفاك بها خيرًا، وإن لم تَنْصَب، قال داود: والبِرُّ همَّةُ التقيّ، ولو تعلقت جميع جوارحه بحب الدنيا لردّته يومًا نيّته إلى أصله، وعن سفيان الثوريّ قال: ما عالجت شيئًا أشد عليّ من نيتي؛ لأنها تتقلب عليّ، وعن يوسف بن أسباط قال: تخليص النية من فسادها أشدّ على العاملين من طول الاجتهاد، وقيل لنافع بن حبيب: ألا تشهد الجنازة؟ قال: كما أنت حتى أنوي، قال: ففكر هنيهةً، ثم قال: امض، وعن مطرف بن عبد الله قال: صلاح القلب بصلاح العمل، وصلاح العمل بصلاح النية، وعن بعض السلف قال: من سَرّه أن يَكْمُل له عمله فليُحْسِن نيته، فإن الله - عز وجل - يأجر العبد إذا أحسن نيته حتى باللقمة، وعن ابن المبارك قال: رُبّ عمل صغير تُعظّمه النية، ورُبَّ عملٍ كبير تصغِّره النية، وقال ابن عجلان: لا يصلح العمل إلا بثلاث: التقوى لله، والنية الحسنة، والإصابة.