أحدهما: أن عدم النية لا يُبطل أصل العمل، وعلى إضمار الصحة، والإجزاء يُبطل، فلا يَبْطُل بالشك.
الثاني: أن قوله: "لكل امرئ ما نوى" يدل على الصواب والأجر؛ لأن الذي له إنما هو الثواب، وأما العمل فعليه. انتهى.
قال العراقيّ: وفيه نظر من وجوه:
أحدها: أنه لا حاجة إلى إضمار محذوف من الصحة، أو الكمال، أو الثواب؛ إذ الإضمار خلاف الأصل، وإنما المراد: حقيقة العمل الشرعيّ، فلا يحتاج حينئذ إلى إضمار، وأيضًا فلا بد من إضمار شيء يتعلق به الجارّ والمجرور، فلا حاجة لإضمار مضاف؛ لأن تقليل الإضمار أَولى، فيكون التقدير: إنما الأعمال، وجودها بالنية، ويكون المراد: الأعمال الشرعية.
والثاني: أن قوله: إن تقدير الثواب أقلّ إضمارًا؛ لكونه يلزم من انتفاء الصحة انتفاء الثواب دون العكس، فلا نسلّم أن فيه تقليل الإضمار؛ لأن المحذوف واحد، ولا يلزم من تقدير الصحة تقدير ما يترتب على نفيها من نفي الثواب، ووجوب الإعادة، وغير ذلك، فلا نحتاج إلى أن نقدّر إنما صحة الأعمال والثواب وسقوط القضاء مثلًا بالنية، بل المقدّر واحد، وإن ترتّب على ذلك الواحد شيء آخر، فلا يلزم تقديره.
والثالث: أن قوله: إن تقدير الصحة يؤدي إلى نَسْخ الكتاب بخبر الواحد، فإن أراد به أن الكتاب دال على صحة العمل بغير نية لكون النية لم تذكر في الكتاب، فهذا ليس بنسخ، وأيضًا فالثواب مذكور في قوله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[البينة: ٥]، فهذا هو القصد والنية، ولو سُلِّم أن فيه نسخَ الكتاب بخبر الواحد فلا مانع من ذلك عند أكثر أهل الأصول.
والرابع: أن قوله: إن تقدير الصحة يُبطل العمل، ولا يَبْطُل بالشك، ليس بجيد، بل إذا تيقّنا شغل الذمة بوجوب العمل لم نُسقطه بالشك، ولا تبرأ الذمة إلا بيقين، فحمْله على الصحة أَولى؛ لتيقّن البراءة به.
والخامس: أن قوله: إن الذي له إنما هو الثواب، وأما العمل فعليه، والأحسن في التقدير أن لا يقدّر حذف مضاف، فإنه لا حاجة إليه، ولكن يقدّر