للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قول الغزالي حركة اللسان إلخ، فالظاهر أن المراد به الذِّكر مع عدم حضور القلب، لا مع عدم النية، فلا يلزم من عدم حضور القلب عدم النية فتأمل.

قال الحافظ: ويؤيده - أي: قول الغزاليّ - قوله - صلى الله عليه وسلم -: "في بُضع أحدكم صدقة. . ."، ثم قال في الجواب عن قولهم: أيأتي أحدنا شهوته، ويؤجر؟: "أرأيت لو وضعها في الحرام"؟.

وأورد على إطلاق الغزالي أنه يلزم منه أن المرء يثاب على فعل مباح؛ لأنه خير من فعل الحرام، وليس ذلك مراده.

وخُصَّ من عموم الحديث ما يُقصد حصوله في الجملة، فإنه لا يحتاج إلى نية تخصه، كتحية المسجد كما تقدم.

قال الجامع: قد علمتَ ما فيه فيما تقدم.

قال: وكمن مات زوجها فلم يبلغها الخبر إلا بعد مدة العدة، فإن عدتها تنقضي؛ لأن المقصود حصول براءة الرحم، وقد وُجد، ومن ثم لم يَحْتج المتروك إلى نية.

ونازع الكرمانيّ في إطلاق الشيخ محيي الدين، كون المتروك لا يحتاج إلى نية بأن الترك فعل، وهو كفّ النفس، وبأن التروك إذا أريدَ بها تحصيل الثواب بامتثال أمْر الشارع فلا بد فيها من قَصْد الترك.

وتُعقب بأن قوله: "الترك فعل" مختلَف فيه، ومن حقّ المستدلّ على المانع أن يأتي بأمر متفق عليه، وأما استدلاله الثاني فلا يطابق المَوْرد؛ لأن المبحوث فيه: هل تلزم النية في التروك بحيث يقع العقاب بتركها؟ والذي أورده: هل يحصل الثواب بدونها؟ والتفاوت بين المقامين ظاهر.

والتحقيق أن الترك المجرّد لا ثواب فيه، وإنما يحصل الثواب بالكف الذي هو فعل النفس، فمن لم تخطر المعصية بباله أصلًا ليس كمن خطرت، فكفّ نفسه عنها خوفًا من الله تعالى، فرجع الحال إلى أن الذي يحتاج إلى النية هو العمل بجميع وجوهه، لا الترك المجرد، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: قال الكرمانيّ: إذا قلنا: إن تقديم الخبر على المبتدإ يفيد القصر، ففي قوله: "وإنما لكل امرئ ما نوى" نوعان من الحصر: قصرُ المسنَد