للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

على المسنَد إليه؛ إذ المراد: إنما لكل امرئ ما نواه، والتقديم المذكور (١)، والله تعالى أعلم.

(المسألة التاسعة عشرة): في مذاهب العلماء في اشتراط النية في العبادة:

دل هذا الحديث على اشتراط النية لصحة العبادة، وقد اتفق العلماء على ذلك في العبادة المقصودة لعينها التي ليست وسيلة إلى غيرها، وحَكَى أبو الوليد محمد بن أحمد بن رُشْد المالكيّ في كتابه "بداية المجتهد" اتفاق العلماء على اشتراط النية في العبادات، وحَكَى الاختلاف في الوضوء؛ لاختلافهم في أنه وسيلة، أو مقصود، وحَكَى ابن التين السفاقسيّ أنهم لا يختلفون في أن العبادة المحضة مفتقِرَة إلى النية، والعبادة المفهومة المعنى غير مفتقرة إلى النية.

وذكر النوويّ أن الأعمال ضربان: ضَرْب تُشترط النية لصحته، وحصول الثواب فيه، كالأركان الأربعة، وغير ذلك مما أجمع العلماء أنه لا يصح إلا بنيّة، وكالوضوء، والغسل، والتيمم، وطواف الحج والعمرة، والوقوف، مما اشترطَ النيةَ فيه بعضُ العلماء.

وضَرْب لا تُشترط النية لصحته، لكن تُشترط لحصول الثواب، كستر العورة، والأذان، والإقامة، وابتداء السلام، وردّه، وتشميت العاطس، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإماطة الأذى، وبناء المدارس، والرُّبُط والأوقاف، والهبات، والوصايا، والصدقات، وردّ الأمانات، ونحوها. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.

(المسألة العشرون): في اختلاف العلماء في اشتراط النية في الوضوء:

احتَجّ بالحديث مَنْ أَوْجَب النية في الوضوء والغسل، وهو قول الأئمة الثلاثة - مالك، والشافعي، وأحمد -، وإسحاق، وداود، وأبي ثور، وأبي عبيد، وبه يقول الزهريّ، وربيعة الرأي شيخ مالك، وهو قول جمهور أهل الحجاز، ويُروى عن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -.


(١) راجع: "الفتح" ١/ ٢٠ - ٢١.
(٢) "طرح التثريب" ٢/ ١١.