للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى أن المقيم إذا نوى في رمضان صوم قضاء، أو كفارة، أو تطوع وقع عن رمضان، إذ ليس له إلا ما نواه، ولم ينو صوم رمضان، وتعيينه شرعًا لا يغني عن نية المكلف لأداء ما كُلِّف به، وذهب مالك، والشافعيّ، وأحمد إلى أنه لا بدّ من تعيين رمضان؛ لظاهر الحديث، بخلاف الحجّ، وذهب زفر إلى أن صيام رمضان لا تُشترط فيه النية للصحيح المقيم؛ لتعيّن الزمان له، قاله العراقيّ - رحمه الله - (١).

(المسألة الثالثة والعشرون): فيه حجة على مالك في اكتفائه بنيّة واحدة في أول الشهر من رمضان لجميع الشهر، وهي رواية عن أحمد أيضًا؛ لأن كل يوم عملٌ بنفسه، وعبادة مستقلة بدليل ما يتخلل بين الأيام في لياليها مما ينافي الصوم من المفطرات.

وذهب أبو حنيفة، والشافعيّ، وأحمد في الرواية الأخرى إلى وجوب النية لكل يوم إذ هو عمل، ولا عمل إلا بنيّة (٢)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة والعشرون): فيه حجة لمن ذهب إلى أنه إذا أحرم بالحج في غير أشهره أنه لا ينعقد عمرة؛ لأنه لم ينو العمرة، وإنما له ما نواه، وهو قول أبي حنيفة، ومالك، وأحمد، وهو أحد قولي الشافعيّ إلا أن الأئمة الثلاثة - أبو حنيفة، مالك، أحمد - قالوا: ينعقد إحرامه بالحج، ولكن يُكره عندهم الإحرام به قبل أشهره، ولم يختلف قول الشافعي أنه لا ينعقد بالحج، وإنما اختلف قوله هل يتحلل بأفعال العمرة؟ وهو قوله المتقدِّم نَقْله عنه، أو ينعقد إحرامه عمرة؟ وهو نصه في "المختصر"، وهو الذي صححه الرافعيّ، والنوويّ، فعلى الأول لا تسقط عنه عمرة الإسلام، وعلى الثاني تسقط عنه، قاله العراقيّ.

(المسألة الخامسة والعشرون): أنه احتُجّ به لأبي حنيفة، والثوريّ، ومالك أن الصرورة (٣) يصح حجه عن غيره، ولا يصح عن نفسه؛ لأنه لم ينوه عن نفسه، وإنما له ما نواه.


(١) "طرح التثريب" ٢/ ١٦.
(٢) "طرح التثريب" ١/ ١٦.
(٣) "الصرورة" هو الذي لم يحجّ.