للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يضر الله شيئًا"، وقد ظهر بهذا أن تَرْك جمعهما في ضمير واحد على وجه الأدب، وأنه إنما أنكر على الخطيب ذلك تنبيهًا على دقائق الكلام، ولأنه قد لا يكون عنده من المعرفة بتعظيم الله تعالى، ما يَعْلَمُه - صلى الله عليه وسلم - من عظمته وجلاله، والله أعلم، انتهى (١).

(المسألة الثامنة والثلاثون): قال الحافظ العراقي - رحمه الله - أيضًا: الدنيا فُعْلى من الدنوّ، وهو القرب، سُمّيت بذلك؛ لِسَبْقها للآخرة، وفي الدال لغتان: الضم، وهو الأشهر، والكسر، حكاه ابن قتيبة وغيره، وهي مقصورة ليس فيها تنوين بلا خلاف نعلمه بين أهل اللغة، وأهل العربية، وحَكَى بعضُ المتأخرين من شُرّاح البخاريّ أن فيها لغة غَريبةً بالتنوين، وليس بجيّد، فإنه لا يُعْرَف في اللغة، وسبب الغلط أن بعض رواة البخاريّ رواه بالتنوين وهو أبو الهيثم الكشميهني، وأُنكر ذلك عليه، ولم يكن ممن يُرجع إليه في ذلك، فأخذ بعضهم يَحكي ذلك لغة، كما وقع لهم نحو ذلك في "خُلوف فم الصائم"، فحَكَوا فيه لغتين، وإنما يَعرف أهل اللغة الضم، وأما الفتح فرواية مردودة لا لغة. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي ادَّعَى فيه العراقيّ الغلط من تنوين دنيا ثابت لغة، فقد أثبته في "اللسان"، و"القاموس"، وعبارة "اللسان": والدنيا: نقيض الآخرة، انقلبت الواو فيها ياء؛ لأن فُعْلى إذا كانت اسمًا من ذوات الواو أُبدلت واوها ياء، كما أُبدلت الواو مكان الياء في فَعْلَى؛ يعني: بالفتح، فأدخلوها عليها في فُعْلى - يعني بالضم - ليتكافأ في التغيير، قال: وحَكَى ابن الأعرابي: ما له دنيًا ولا آخرة، فنوّن دنيًا تشبيهًا لها بفُعْلَل، قال: والأصل أن لا تُصْرَف؛ لأنها فُعْلى، والجمع دُنَا مثل الكُبرى والكُبَر، والصغرى والصُّغَر. اهـ. "لسان" باختصار (٣).

وعبارة "القاموس": والدنيا نقيض الآخرة: وقد تُنَوَّن، جمعه دُنا. انتهى (٤).


(١) "طرح التثريب" ٢/ ٢٤.
(٢) "طرح التثريب" ٢/ ٢٥.
(٣) "لسان العرب" ١٤/ ٢٧٣.
(٤) "القاموس المحيط" ص ٤٥١.