للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[آل عمران: ١٨٥] وتَرْكُهم موصوفها واستعمالهم إياها نحو الاسم الموضوع لا ينافي الوصفية الأصلية. انتهى (١).

(المسألة التاسعة والثلاثون): الجار والمجرور في قوله: "إلى الله ورسوله"، وفي قوله: "إلى دنيا" يتعلق بالهجرة إن كانت "كان" تامّة، أو خبر لكان إن كانت ناقصة، قال الكرمانيّ: فإن قلت: لفظ "كانت" إن كان باقيًا في المضيّ فلا يُعلم أن الحكم بعد صدور هذا الكلام من الرسول - صلى الله عليه وسلم - أيضًا كذلك أم لا؟ وإن نُقل بسبب تضمين "مَنْ الحرف الشرط إلى معنى الاستقبال فبالعكس، ففي الجملة الحكم إما للماضي أو للمستقبل.

قلت: جاز أن يُراد به أصل الكون؛ أي: الوجود مطلقًا من غير تقييد بزمان من الأزمنة الثلاثة، أو يقاس أحد الزمانين على الآخر، أو يُعلم من الإجماع على أن حُكم المكلَّفين على السواء أنه لا تعارُض. انتهى.

قال العيني: في الجواب الأول نَظَر لا يخفى؛ لأن الوجود من حيث هو لا يخلو عن زمن من الأزمنة الثلاثة. انتهى (٢).

(المسألة الأربعون): إن قيل: ما فائدة التنصيص على المرأة مع كونها داخلة في مسمى الدنيا؟.

أجيب من وجوه:

الأول: أنه لا يلزم دخولها في هذه الصيغة؛ لأن لفظة دنيا نكرة، وهي لا تعتم في الإثبات، فلا تقتضي دخول المرأة فيها.

وتُعقِّب بأنها في سياق الشرط، فتعمّ، قاله في "الفتح".

الثاني: أنه للتنبيه على زيادة التحذير، فيكون من باب ذِكر الخاص بعد العام، كما في قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} الآية [البقرة: ٢٣٨].

الثالث: أنه إنما خَصّ المرأة بالذِّكر من بين سائر الأشياء في هذا الحديث؛ لأن العرب كانت في الجاهلية لا تزوِّج المولى العربية، ولا يزوِّجون بناتهم إلا من الأكفاء في النسب، فلما جاء الإسلام سَوَّى بين المسلمين في


(١) "عمدة القاري" ١/ ٢٧.
(٢) "عمدة القاري" ١/ ٢٧.