للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ: لا تنافي بين إجابة دعائه - صلى الله عليه وسلم - وجَزْمه بأنها من الأولين، وبين سؤالها أن تكون من الآخِرين؛ لأنه لم يقع التصريح لها أنها تموت قبل زمان الغزوة الثانية، فجوّزت أنها تُدركها، فتغزو معهم، ويحصل لها أجر الفريقين، فأعلمَها - صلى الله عليه وسلم - أنها لا تُدرك زمان الغزوة الثانية، فكان كما قال - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (١).

(فَرَكِبَتْ أُمُّ حَرَامٍ بِنْتُ مِلْحَانَ الْبَحْرَ فِي زَمَنِ) وفي بعض النسخ: "في زمان"، وهما لغتان، الأول مقصور من الثاني، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: الزمان: مُدّة قابلة للقسمة، ولهذا يُطلق على الوقت القليل والكثير، والجمع: أزمنةٌ، والزمن مقصور منه، والجمع: أزمانٌ، مثلُ سبب وأسباب، وقد يُجمع على أَزْمُنٍ. انتهى (٢). (مُعَاوِيَةَ) بن أبي سُفيان - رضي الله عنهما -، وفي رواية الليث عند البخاريّ: "فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازيًا أولَ ما ركب المسلمون البحر مع معاوية"، وفي رواية حماد: "فتزوج بها عبادة، فخرج بها إلى الغزو"، وفي رواية أبي طُوالة: "فتزوجت عبادة، فركبت البحر مع بنت قَرَظة" (٣)، وكان ذلك في سنة ثمان وعشرين، وكان ذلك في خلافة عثمان ومعاويةُ يومئذ أمير الشام، وظاهر سياق الخبر يوهم أن ذلك كان في خلافته، وليس كذلك، وقد اغتَرّ بظاهره بعض الناس، فَوَهِم، فإن القصة إنما وردت في حقّ أول من يغزو في


(١) "الفتح" ١٤/ ٢٤٤ - ٢٤٥، كتاب "الاستئذان" رقم (٦٢٨٢).
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٢٥٦.
(٣) قوله: "فركبت البحر مع بنت قرظة" بالقاف، والراء، والظاء المعجمة المفتوحات، واسمها فاختة - بالفاء وكسر الخاء المعجمة، وفتح التاء المثناة من فوق - وقيل: كنود امرأة معاوية بن أبي سفيان، كان معاوية أخذها معه لَمّا غزا قبرس في البحر سنة ثمان وعشرين، وكان معاوية أول من ركب البحر للغَزاة في خلافة عثمان - رضي الله عنه -، وقرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف، صرّح بذلك خليفة بن خياط في "تاريخه" وغيره، وقد وَهِم من قال: إنها بنت قرظة بن كعب الأنصاريّ، وذكر البلاذري في "تاريخه" أن قرظة بن عبد عمرو مات كافرًا، ولِبِنْته رؤية، وكذا لأخيها مسلم بن قرظة الذي قُتل يوم الجمل مع عائشة - رضي الله عنها -، راجع: "عمدة القاري" ١٤/ ١٦٥.