للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البحر، وكان عمر - رضي الله عنه - ينهى عن ركوب البحر، فلما وُلّي عثمان استأذنه معاوية في الغزو في البحر، فَأَذِن له، ونقله أبو جعفر الطبريّ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن أسلم، ويكفي في الردّ عليه التصريح في "الصحيح" بأن ذلك كان أوّل ما غزا المسلمون في البحر، ونَقَل أيضًا من طريق خالد بن معدان قال: أول من غزا البحر معاوية في زمن عثمان، وكان استأذن عمر فلم يأذن له، فلم يزل بعثمان حتى أَذِن له، وقال: لا تنتخب أحدًا، بل من اختار الغزو فيه طائعًا، فَأَعِنْه، ففعل، وقال خليفة بن خياط في "تاريخه" في حوادث سنة ثمان وعشرين: وفيها غزا معاوية البحر، ومعه امرأته فاختة بنت قَرَظة، ومع عبادة بن الصامت امرأته أم حرام، وأرّخها في سنة ثمان وعشرين غير واحد، وبه جزم ابن أبي حاتم، وأرّخها يعقوب بن سفيان في المحرَّم سنة سبع وعشرين، قال: كانت فيه غزاة قبرس (١) الأولى.

وأخرج الطبريّ من طريق الواقديّ أن معاوية غزا الروم في خلافة عثمان، فصالح أهل قبرس، وسَمَّى امرأته كَبْرة، بفتح الكاف، وسكون الموحدة، وقيل: فاختة بنت قرظة، وهما أختان، كان معاوية تزوجهما واحدةً بعد أخرى، ومن طريق ابن وهب، عن ابن لَهِيعة أن معاوية غزا بامرأته إلى قبرس، في خلافة عثمان، فصالَحَهم، ومن طريق أبي معشر المدنيّ أن ذلك كان في سنة ثلاث وثلاثين، فتحصّلنا على ثلاثة أقوال، والأول أصحّ، وكلها في خلافة عثمان أيضًا؛ لأنه قُتل في آخر سنة خمس وثلاثين. انتهى (٢).

(فَصُرِعَتْ) على بناء المبنيّ للمفعول؛ أي: أُسقطت حين خرجت إلى البرّ من البحر، وفي رواية الليث: "فلما انصرفوا من غزوهم قافلين إلى الشام قُرِّبت إليها دابة لتركبها، فصُرعت، فماتت"، وفي رواية حماد بن زيد عند أحمد: "فوقصتها بغلة لها شهباء، فوقعت، فماتت"، وفي رواية عند البخاريّ: "فوقعت، فاندقت عنقها". (عَنْ دَابَّتِهَا) ظاهره أنها سقطت عن ظهر الدابّة، ولا


(١) بضمّ القاف، وسكون الموحّدة، وضمّ الراء، آخره سين مهملة: جزيرة عظيمة للروم، بها تُوفّيت أم حرام بنت مِلْحان - رضي الله عنها -، أفاده في "القاموس".
(٢) "الفتح" ١٤/ ٢٤٥ - ٢٤٦، كتاب "الاستئذان" رقم (٦٢٨٢).