للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال (١): فعلى هذا فلعل مراد هشام بن عمار بقوله: "رأيت قبرها بالساحل"؛ أي: ساحل جزيرة قُبرس، فكأنه توجه إلى قُبرس لمّا غزاها الرشيد في خلافته.

ويُجمع بأنهم لمّا وصلوا إلى الجزيرة بادرت المقاتِلة، وتأخرت الضعفاء؛ كالنساء، فلما غلب المسلمون وصالَحوهم، طلعت أم حرام من السفينة، قاصدةً البلد؛ لتراها، وتعود راجعة للشام، فوقعت حينئذ، ويُحمل قول حماد بن زيد في روايته: "فلما رجعت"، وقول أبي طُوالة: "فلما قَفَلت"؛ أي: أرادت الرجوع، وكذا قول الليث في روايته: "فلما انصرفوا من غزوهم قافلين"؛ أي: أرادوا الانصراف.

قال الحافظ: ثم وقفت على شيء يزول به الإشكال من أصله (٢)، وهو ما أخرجه عبد الرزاق، عن معمر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، أن امرأة حدّثته: قالت: "نام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم استيقظ، وهو يضحك، فقلت: تضحك مني يا رسول الله، قال: لا، ولكن من قوم من أمتي يخرجون غُزاة في البحر، مثلهم كمثل الملوك على الأسرة، ثم نام، ثم استيقظ، فقال مثل ذلك سواءً"، لكن قال: "فيرجعون قليلة غنائمهم، مغفورًا لهم، قالت: فادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها"، قال عطاء: "فرأيتها في غزاة غزاها المنذر بن الزبير إلى أرض الروم، فماتت بأرض الروم"، وهذا إسناد على شرط الصحيح.

وقد أخرج أبو داود من طريق هشام بن يوسف، عن معمر، فقال في روايته: "عن عطاء بن يسار، عن الرُّميصاء، أخت أم سليم"، وأخرجه ابن وهب، عن حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، فقال في روايته: "عن أم حرام"، وكذا قال زهير بن عباد، عن زيد بن أسلم.


(١) الكلام موصول لصاحب "الفتح"، فتنبّه.
(٢) قال الجامع عفا الله عنه: لم يأت الحافظ فيما يأتي تحقيقه بما يزول به الإشكال، بل زاد الطين بلّة، فقد أتى آخر تحقيقه بأن القصة لامرأتين، لا لامرأة واحدة، فلم يَزُل الإشكال بهذا، فتأمله بالإنصاف، والذي يظهر أن الإشكال في قصّة أم حرام قد زال بما ذُكر من الجَمع، ولله الحمد والمنّة.