للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابن كثير في "تاريخه" (١) أن الحسين بن عليّ - رضي الله عنهما - كان معه في تلك الغزوة، فاستَدَلّ به المهلّب على منقبة يزيد بن معاوية، لأنه كان أميرًا لأول جيش على مدينة قيصر، وقد أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهم أنهم مغفور لهم، وردّه كثير من العلماء بوجوه:

الأول: أن الروايات مختلفة في تعيين أول جيش غزا القسطنطينيّة؛ لأن غزوها وقع في عهد معاوية - رضي الله عنه - عدّة مرّات، ولا شكّ أن يزيد بن معاوية كان أميرًا في بعضها، ولا يلزم منه أن يكون أميرًا لأول جيش، وقد ذكر العينيّ في "العمدة" (٢) أن معاوية - رضي الله عنه - سيّر جيشًا مع سفيان بن عوف إلى القسطنطينيّة، فأوغلوا في بلاد الروم، وكان في ذلك الجيش ابن عبّاس، وابن عمر، وابن الزبير، وأبو أيوب الأنصاريّ.

والثاني: الذي يظهر من بعض الروايات أن معاوية أرسل سفيان بن عوف، ثم أتبعه بابنه يزيد، وذكره التغري بردي في "النجوم الزاهرة" (٣). قال: أما غزوة القسطنطينيّة. . . فأرسل إليها معاوية جيشًا كثيفًا، وأمّر عليهم سفيان بن عوف، وأمر ابنه يزيد بالغَزَاة معهم، فتثاقل يزيد، واعتذر، فأمسك عنه أبوه، فأصاب الناس في غزاتهم جوعٌ، ومرض شديد، فأنشد يزيد يقول:

مَا إِنْ أُبَالِي بِمَا لَاقَتْ جُمُوعُهُمُ … بِالْغَدْ قَذُونَةٍ مِنْ حُمَّى وَمِنْ مُومِ

إِذا اتَّكَأْتُ عَلَى الأَنْمَاطِ مُرْتَفِقًا … بِدَيْرِ مُزَّانَ عِنْدِي أُمُّ كُلْثُومِ

وأمّ كلثوم امرأته، فبلغ معاوية شِعْره، فأقسم عليه ليلحقنّ بسفيان بأرض الروم ليصيبه ما أصاب الناس، فسار، ومعه جمع كبير، وكان في هذا الجيش ابن عبّاس، وابن عمر، وابن عمرو، وابن الزبير، وأبو أيوب الأنصاريّ، وذكره ابن الأثير في "الكامل" (٤)، وابن خلدون في "تاريخه" (٥).

وهذه الرواية إن صحّت تدلّ على أن أول من سار إلى القسطنطينيّة


(١) راجع: "البداية والنهاية" ٨/ ١٥١.
(٢) راجع: "عمدة القاري" ٦/ ٦٤٩.
(٣) "النجوم الزاهرة" ١/ ١٣٤.
(٤) "الكامل" ٣/ ١٨١.
(٥) ٣/ ١٠.