للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢ - (ومنها): الحثّ على التوادّ، والتحابّ خصوصًا بين الزوجين؛ لأن الشارع راعى ذلك بين الزوجين، مع اطّلاع كل منهما على ما جرت العادة بستره، حتى إن كل واحد منهما لا يخفى عنه من عيوب الآخر شيء في الغالب، ومع ذلك فنهى عن الطُّروق؛ لئلا يطّلع على ما تنفر نفسه عنه، فيكون مراعاة ذلك في غير الزوجين بطريق الأَولى.

٣ - (ومنها): أنه يؤخذ منه أن الاستحداد، ونحوه، مما تتزين به المرأة ليس داخلًا في النهي عن تغيير الخِلقة.

٤ - (ومنها): التحريض على ترك التعرّض لِمَا يوجب سوء الظنّ بالمسلم.

٥ - (ومنها): أن في تقييده بطول الغَيبة في رواية عاصم، الآتية، حيث قال: "إذا أطال أحدكم الغيبة، فلا يَطرُق أهله ليلًا" إشارةً إلى أن علة النهي إنما توجد حينئذ، فالحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فلما كان الذي يخرج لحاجته مثلًا نهارًا، ويرجع ليلًا لا يتأتى له ما يُحْذَر من الذي يطيل الغيبة، كان طول الغيبة مظنّة الأمن من الهجوم، فيقع للذي يَهْجُم بعد طول الغيبة غالبًا ما يَكْرَه:

إما بأن يجد أهله على غير أُهبة، من التنظّف، والتزين المطلوب من المرأة، فيكون ذلك سبب النَّفْرة بينهما، وقد أشار إلى ذلك بقوله في هذا الحديث: "كي تمتشط الشعثة، وتَستحِدّ المغيبة"، ويؤخذ منه كراهة مباشرة المرأة في الحالة التي تكون فيها غير متنظفة؛ لئلا يطّلع منها على ما يكون سببًا لنفرته منها.

وإما بأن يجدها على حالة غير مرضيّة، والشرع مُحَرِّضٌ على الستر، وقد أشار إلى ذلك بقوله: "أن يتخوَّنهم، ويتطلب عَثَراتهم"، فعلى هذا مَن أَعْلَم أهله بوصوله، وأنه يَقْدَم في وقت كذا مثلًا لا يتناوله هذا النهي، وقد صَرَّح بذلك ابن خزيمة في "صحيحه"، في حديث ابن عمر قال: "قَدِم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من غزوة، فقال: لا تطرقوا النساء، وأرسل من يُؤْذِن الناسَ أنهم قادمون".

قال ابن أبي جمرة - رحمه الله -: فيه النهي عن طروق المسافر أهله على غِرّة من غير تقدّم إعلام منه لهم بقدومه، والسبب في ذلك ما وقعت إليه الإشارة في