للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى الزجر عن أن يضيّع ما أُمر بحفظه، وأن يقصّر في ذلك، مع التمكّن من فعل ما يتعيّن عليه. انتهى (١).

وقوله: (يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ) جملة في محلّ رفع صفة ثانية لـ "عبد" (وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيتِهِ) أي: غير ناصح لهم، والجملة في محلّ نصب على الحال، والغاشّ: اسم فاعل من الغَشّ، يقال: غَشّه غَشًّا، من باب نصر، والاسم الغِشّ بالكسر: إذا لَمْ ينصحه، وزَيَّنَ له غير المصلحة، ولَبَنٌ مغشوشٌ؛ أي: مخلوط بالماء (٢).

(إِلَّا) أداة استثناء مُلْغاة، وجملة: (حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ") خبر في محل رفع خبر لـ "عبد".

وفي رواية أبي المَليح الآتية: "ما من أميرٍ يلي أمر المسلمين، ثم لا يجهد لهم، وَينْصح إلَّا لَمْ يدخل معهم الجنّة"، وفي رواية البخاريّ من طريق أبي نعيم، عن أبي الأشهب: "ما من عبد يسترعيه الله رَعِيّةً، فلم يَحطُها بنصحه، لَمْ يجد رائحة الجنّة".

وزاد في رواية الطبراني من حديث عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه -: "وعَرْفُها يوجد يوم القيامة من مسيرة سبعين عامًا".

وقوله: "فلم يَحُطْها" - بفتح أوله، وضمّ الحاء، وسكون الطاء المهملتين -: أي يَكْلَؤهَا، أو يَصُنْها، والاسم: الحِيَاطة، يقال: حاطه: إذا استولى عليه، وأحاط به مثله.

وقال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الفاء في قوله: "فلم يَحُطْها وفي قوله: "فيموت" (٣)، مثل اللام في قوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} الآية [القصص: ٨]، وقوله: "وهو غاشّ" حالٌ (٤) قيدٌ للفعل، ومقصودٌ بالذكر؛ لأن المعتبر من الفعل، والحال هو الحال، يعني: أن الله تعالى إنما وَلّاه واسترعاه على عباده؛ لِيُدِيم لهم النصيحة، لا لِيَغُشَّهم، حتى


(١) "المفهم" ١/ ٣٥٣ - ٣٥٤.
(٢) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٤٤٧.
(٣) أي في رواية البخاريّ، فإنها بلفظ: "فيموت، وهو غاشّ … " إلخ.
(٤) أي جملة في محلّ نصب على الحال، كما أسلفناه.