(فِي لُحُومِ الْخَيْلِ")؛ أي: في أكلها، وفي رواية النسائيّ من طريق عطاء، عن جابر - رضي الله عنه -: "أطعمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحوم الخيل، ونهانا عن لحوم الحمر"، ومن طريق عبد الكريم، عن عطاء: "كنّا نأكل لحوم الخيل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وبهذا قال الجمهور، وهو الحقّ، وخالف أبو حنيفة، فقال بكراهة أكلها، وسيأتي تمام البحث في هذا قريبًا في المسألة الثالثة - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٦/ ٥٠١٤ و ٥٠١٥ و ٥٠١٦](١٩٤١)، و (البخاريّ) في "المغازي" (٤٢١٩) و"الذبائح" (٥٥٢٠)، و (أبو داود) في "الأطعمة" (٣٧٨٨)، و (النسائيّ) في "الصيد" (٧/ ٢٠١) و"الكبرى" (٤٨٣٩ و ٤٨٤٠ و ٤٨٤١ و ٤٨٤٢ و ٤٨٥٥)، و (أحمد) في "مسنده" (٣/ ٣٦١ و ٣٨٥)، و (الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٢٠٤)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (٣/ ٤٥٧ و ٤/ ١١٤)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٥٢٧٣)، و (ابن الجارود) في "المنتقى" (٨٨٥)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٩/ ٣٢٦ - ٣٢٧)، و (البغويّ) في "شرح السنّة" (٢٨١٠)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في حكم أكل لحوم الخيل:
قال الإمام ابن قُدامة - رحمه الله -: وتُباح لحوم الخيل كلّها، عِرابها، وبَرَاذينها، نصّ عليه أحمد، وبه قال ابن سيرين، وروي ذلك عن ابن الزبير، والحسن، وعطاء، والأسود بن يزيد، وبه قال حمّاد بن زيد، والليث، وابن المبارك، والشافعيّ، وأبو ثور. قال سعيد بن جُبير: ما أكلت شيئًا أطيب من مَعْرَفة (١) بِرْذون. وحرّمها أبو حنيفة، وكرهها مالك، والأوزاعيّ، وأبو عُبيد؛ لقول الله تعالى:{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} الآية [النحل: ٨].
(١) "المَعْرَفة" موضع الْعُرْف من الخيل، وعُرْف الدابّة بالضم: الشعر النابت في محدّب رقبتها. "المصباح" ٢/ ٤٠٥.